لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وساير أهل المقالات فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته كأنه قد ألقم حجرا.
فقام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال له: يا بن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء قال: بلى قال: فما تعمل في قول الله عز وجل " وعصى آدم ربه فغوى " وقوله عز وجل، " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه " وقوله: في يوسف " ولقد همت به وهم بها " وقوله عز وجل في داوود " وظن داوود أنما فتناه " وقوله في نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم " وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ".
فقال مولانا الرضا عليه السلام: ويحك يا علي اتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله عز وجل برأيك، فان الله عز وجل: " يقول وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " أما قوله عز وجل في آدم عليه السلام، وعصى آدم ربه فغوى، فان الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل.
فلما أهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم، وآل عمران على العالمين " وأما قوله عز وجل وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه إنما ظن أن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل " وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه " أي ضيق عليه، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.
وأما قوله عز وجل في يوسف: " ولقد همت به وهم بها " فإنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله " كذلك لنصرف عنه السوء - يعني القتل - والفحشاء " يعني الزنا وأما داود فما يقول من قبلكم فيه.
فقال علي بن الجهم يقولون: إن داوود كان في محرابه يصلي إذ تصور له