هو؟ قال عليه السلام: هو نور. بمعنى أنه هاد لخلقه من أهل السماء وأهل الأرض، وليس لك على أكثر من توحيد إياه قال عمران: يا سيدي أليس قد كان ساكتا قبل الخلق لا ينطق ثم نطق؟
قال الرضا عليه السلام: لا يكون السكون إلا عن نطق قبله، والمثل في ذلك أنه لا يقال للسراج: هو ساكت لا ينطق ولا يقال: إن السراج ليضئ فيما يريد أن يفعل بنا لان الضوء من السراج ليس بفعل منه ولا كون وإنما هو ليس شئ غيره، فلما استضاء لنا قلنا: قد أضاء لنا حتى استضأنا به، فبهذا تستبصر أمرك، قال عمران:
يا سيدي فان الذي كان عندي أن الكائن قد تغير في فعله عن حاله بخلقه الخلق.
قال الرضا: أحلت يا عمران في قولك: إن الكائن يتغير في وجه من الوجوه حتى يصيب الذات منه ما يغيره، يا عمران هل تجد النار يغير تغيير نفسها، أو هل تجد الحرارة تحرق نفسها، أو هل رأيت بصيرا قط رأى بصره؟ قال عمران: لم أر هذا، ألا تخبرني أهو في الخلق أم الخلق فيه.
قال الرضا عليه السلام جل يا عمران عن ذلك ليس هو في الخلق ولا الخلق فيه، تعالى عن ذلك، وسأعلمك وتعرفه به، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أخبرني عن المرآة أنت فيها أم هي فيك؟! فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه، فبأي شئ استدللت بها على نفسك؟! قال عمران: بضوء بيني وبينها.
فقال الرضا عليه السلام: هل ترى من ذلك الضوء في المرآة أكثر مما تراه في عينك:
قال نعم: قال الرضا عليه السلام: فأرناه فلم يحر جوابا، قال الرضا عليه السلام فلا أرى النور إلا وقد دلك ودل المرآة على أنفسكما من غير أن يكون في واحد منكما، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالا ولله المثل الأعلى.
ثم التفت عليه السلام إلى المأمون فقال: الصلاة قد حضرت، فقال عمران: يا سيدي لا تقطع على مسألتي فقد رق قلبي قال الرضا عليه السلام: نصلي ونعود، فنهض ونهض المأمون، فصلى الرضا عليه السلام داخلا وصلى الناس خارجا خلف محمد بن جعفر، ثم خرجا، فعاد الرضا عليه السلام إلى مجلسه ودعا بعمران فقال: سل يا عمران.