لم يجئ به غيره؟! فانقطع الهربذ مكانه.
فقال الرضا عليه السلام: يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الاسلام وأراد أن يسأل فليسأل غير محتشم، فقام إليه عمران الصابي وكان واحدا في المتكلمين فقال: يا عالم الناس لولا أنك دعوت إلى مسألتك لم أقدم عليك بالمسائل، ولقد دخلت الكوفة والبصرة والشام والجزيرة ولقيت المتكلمين فلم أقع على أحد يثبت لي واحدا ليس غيره قائما بوحدانيته أفتأذن لي أن أسألك؟.
قال الرضا عليه السلام: إن كان في الجماعة عمران الصابئ فأنت هو، فقال: أنا هو فقال عليه السلام: سل يا عمران وعليك بالنصفة وإياك والخطل والجور، قال: والله يا سيدي ما أريد إلا أن تثبت لي شيئا أتعلق به فلا أجوزه.
قال عليه السلام: سل عما بدا لك، فازدحم عليه الناس وانضم بعضهم إلى بعض، فقال عمران الصابئ: أخبرني عن الكائن الأول وعما خلق، قال: عليه السلام: سالت فافهم أما الواحد فلم يزل واحدا كائنا لا شئ، معه بلا حدود ولا أعراض، ولا يزال كذلك ثم خلق خلقا مبتدعا مختلفا باعراض وحدود مختلفة لا في شئ أقامه ولا في شئ حده ولا على شئ حذاه ولا مثله له.
فجعل من بعد ذلك الخلق صفوة وغيره صفوة واختلافا وائتلافا وألوانا وذوقا وطعما لا لحاجة كانت منه إلى ذلك ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلا به، ولا رأى لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصانا، تعقل هذا يا عمران؟ قال: نعم والله يا سيدي.
قال عليه السلام: واعلم يا عمران أنه لو كان خلق ما خلق لحاجة لم يخلق إلا من يستعين به على حاجته ولكان ينبغي أن يخلق أضعاف ما خلق لان الأعوان كلما كثروا كان صاحبهم أقوى، والحاجة يا عمران لا يسعها لأنه لم يحدث من الخلق شيئا إلا حدثت فيه حاجة أخرى ولذلك أقول: لم يخلق الخلق لحاجة، ولكن نقل بالخلق الحوائج بعضهم إلى بعض وفضل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل ولا نقمة منه على من أذل، فلهذا خلق.
قال عمران: يا سيدي هل كان الكائن معلوما في نفسه عند نفسه، قال الرضا