وكان قد شهره عليهم وهذا غاية الإكراه.
الثاني: ما رواه أيضا (1) عن البراء بن عازب، قال: لم أزل محبا لأهل البيت، ولما مات النبي - صلى الله عليه وآله - أخذني ما يأخذ الواله من الحزن، وخرجت لأنظر ما يكون من الناس فإذا أنا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة سائرين ومعهم جماعة من الطلقاء وعمر شاهر سيفه، وكلما مر رجل من المسلمين قال له: بايع أبا بكر كما بايعه الناس فيبايع له إن شاء ذلك أو لم يشأ فأنكر عقلي ذلك الأمر فحيث اشتد الأمر جئت حتى أتيت عليا - عليه السلام - فأخبرته بخبر القوم، وكان يسوي قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - بمسحاته فوضع المسحاة من يده ثم قرأ: (آلم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (2).
فقال العباس: تربت أيديكم بني هاشم إلى آخر الدهر، وهذا دليل الإكراه بترجع علي والعباس له، وما ظنك بامرء يدفع صدور المهاجرين، ويكسر سيوفهم ويشهر فيه السيوف على رؤوس المسلمين كيف لا يكون إكراها لولا عمى أفئدة!: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (3).
ومنها: قول عمر لسعد بن عبادة الخزرجي سيد الأنصار وأميرهم لما امتنع من البيعة وهم في السقيفة لأنه كان حاضرا معهم ولم يبايع، قال:
أوطئوا سعدا واقتلوا سعدا، قتل الله سعدا (4)، وهذا عين الإكراه.