فسمع التكبير، فقال: من يصلي بالناس؟
فقيل له: أبو بكر.
فقال: أخرجوني إلى المسجد، فقد حدثت في الإسلام فتنة ليست بهينة، فخرج - صلى الله عليه وآله - يتهادى بين علي والفضل بن العباس حتى وصل إلى المحراب، ونحى أبا بكر، وصلى بالناس، وأما عندكم فتدعون أن ذلك كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهي دعوى باطلة من وجوه.
الأول: أن الاتفاق واقع على أن الأمر الذي خرج إلى بلال لم يكن مشافهة من النبي - صلى الله عليه وآله - فقيل له: يا بلال، قل لأبي بكر يصلي بالناس، أو قل للناس يصلون خلف أبي بكر، بل كان بواسطة بينهما لأن بلالا لم يحصل له الأذن في تلك الحالة بالدخول على النبي - صلى الله عليه وآله - لاشتغال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالمرض وإذا كان بواسطة احتمل كذب الواسطة لأنه غير معصوم، وإذا احتمل كذبه لم يبق في هذا الوجه حجة لاحتمال أن يكون بغير أمر النبي - صلى الله عليه وآله - ولا علمه، ويدل على ذلك خروجه عليهم في الحال لما علم وعزل أبي بكر وتوليته الصلاة بنفسه.
الثاني: أنه لو كان ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وآله - كما زعمتم لكان خروجه في الحال مع ضعفه بالمرض وتنحيته أبا بكر عن المحراب وتوليه الصلاة بنفسه مع صدور الأمر منه أولا مناقضة صريحة لا تليق بمن لا ينطق عن الهوى لأن الاتفاق واقع على أن أبا بكر لم يتم الصلاة بالناس بل خرج النبي - صلى الله عليه وآله - ونحى أبا بكر عنها وأتم الصلاة بالناس رواه أهل السنة في جملة مصنفاتهم.