ذلك فاستقرت (1.
فهذه الأخبار وما جرى مجراها يدل على أن المراد من طين قبر الحسين عليه السلام هو التربة الشريفة حين جفافها. ويدل على أن السبحة يقع عليها اسم التربة والطين أيضا. فإن قول الأولى: هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر؟ وقوله عليه السلام " فسبح " إلى آخر الحديث صريح في ذلك، فهو من الاستعمالات الشائعة.
وحينئذ فيكون اسم التربة واسم الطين من الاستعمالات الحاصلة في كلامهم عليهم السلام واقعة على التربة المشوية، فإنهم عليهم السلام قد أطلقوا ذلك على السبحة وهي لا تكون غالبا إلا مشوية، واتخاذها غير مشوية لا يكاد يوجد إلا نادرا.
فتكون هذه الاستعمالات كلها حجة على أن الطين الواقع في قوله عليه السلام:
" السجود على قبر الحسين ينور الأرض السابعة " صادق على التربة المشوية.
وأيضا فإن هذا متبادر من اسم التربة إلى أفهام أهل العرف، فيكون الحديث حجة متمسكا في جواز السجود على التربة المشوية، وفي ثبوت الفضل فيها كغيرها.
فهذه الوجوه كل واحد منها حجة كافية في التمسك، فما ظنك بجملتها.
إذا تقرر هذا فاعلم أنه لا يكاد يوجد ما يتمسك به في هذا الباب لمن توهم عدم جواز السجود على التربة المشوية، إلا تخيل أنها بالطبخ قد استحالت وخرجت عن اسم الأرض وكانت بالرماد والدخان كالخزف والآجر. ولولا ذلك لم يحكم بكل منها بالطبخ لو كانا نجسين.
والدليل على استحالتهما بالطبخ إن صورتهما النوعية قد تغيرت، فإنه قد حدث لهما بالطبخ تصلب لم يكن، وحدث لهما لون مخصوص وكيفية لم تكن، وخرجا عن مشابهة أجزاء الأرض، وحدث لهما اسم جديد.