الذي يكون حكمه شرعا من طهارة وغيرها؟
الذي يقتضيه ظاهر المذهب، ويدل عليه الدليل بقاؤه على طهارته من غير أن يتغير حكمه الذي كان عليه قبل الملاقاة. ولا نعرف للأصحاب كلاما صريحا في ذلك إلا ما ذكره العلامة في النهاية، فإنه استشكل الحكم في ذلك (1.
وفي المنتهى ذكر شيئا في باب الآنية المشتبهة (2، قد يتخيل أنه مما نحن فيه وسنذكر تحقيقه في ما بعد إن شاء الله تعالى.
يدل على ما ذكرناه وجوه:
الأول: التمسك بأصالة البراءة المقتضي لعدم ثبوت التكليف لوجوب اجتنابه لعدم الدليل الناقل عن حكم الأصل، فيجب التمسك به إلى أن يثبت ما ينافيه.
الثاني: استصحاب الحال الذي كان قبل الملاقاة، فإن الأصل بقاؤه إلى أن يتحقق ما ينافيه، واستصحاب الحال حجة كما تقرر في الأصول، ومن ادعى منافيا من الكتاب والسنة أو الاجماع فعليه البيان.
الثالث: انتفاء المقتضي لوجوب الاجتناب، فينتفي الحكم.
أما الأولى، فلأن المقتضي لوجوب الاجتناب في محل النزاع: أما الحكم بنجاسته، أو اشتباهه بالنجس والأول منتف قطعا، لأن النجاسة حكم شرعي مناطها ظاهر الحال، لا ما في نفس الأمر. وحيث لم تتحقق ملاقاته للجنس لم يتحقق الرافع لطهارته المقطوع بها قبل ذلك، فتحقق انتفاء الحكم بالنجاسة.
وأما اشتباهه بالنجس، فلأن الاشتباه به عبارة عن وقوع اللبس في تعيين الشئ المقطوع بنجاسته من الشيئين أو الأشياء، لانتفاء العلم بعينه منهما، وتطرق الاحتمال إلى كون كل واحد منهما هو النجس كما يتطرق إلى الآخر، ومعلوم