ولأجل ذلك منع من حكم تطهيرهما بالطبخ في التيمم عليهما، نظرا إلى حصول الاستحالة المذكورة. ومتى تحقق حصول الاستحالة عن كونهما أرضا امتنع القول بجواز السجود على التربة المشوية.
هذا نهاية ما يمكن أن يوجه به كلام هذا المانع، وهو توجيه فاسد، وكلام ردئ لا يكاد يحفل به ويرد جوابه، والكلام عليه في مواضع:
الأول: أن الخزف والآجر إذا كان طينهما نجس يطهران، وللأصحاب في ذلك قولان، أحدهما قول الشيخ ومن تابعه، والمشهور العدم، وقد حكى العلامة في المنتهى عن الشيخ الاستدلال على الطهارة بما رواه الحسن بن محبوب قال:
سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى، ويجصص به المسجد ويسجد عليه، فكتب إلي بخطه: " إن الماء والنار قد طهراه " (1 ولا دلالة فيها على المدعى.
أما أولا، فلأن ظاهرها أن المسؤول عن طهارته هو العذرة وعظام الموتى، وذلك لأن صريحها السؤال عن الجص من حيث أنه يوقد بالعذرة والعظام فيختلطان وهو يرجع إلى ما قلناه، ولانتفاء ما يدل على أن الجص [تحصل] له النجاسة بهما وبغيرهما.
وحينئذ نقول بالموجب ويبقى النزاع بحاله، فإن العذرة والعظام إذا احترقا وصارا رمادا حصل فيهما الاستحالة المطهرة لا محالة. وأي دلالة في ذلك على طهارة الخزف والآجر النجسين بالطبخ، على أنه لو قدر أن المسؤول عنه الجص الذي تنجس قبل الاحتراق يتوجه على الحديث القول بالموجب أيضا، لصيرورته بالاحتراق رمادا أيضا، وليس هو من محل النزاع في شئ.