لا على وجه الطبخ، وهو لا يصلح للمانعية، للأصل، ولأن نقص الثلثين علة لطهره، فيجب أن لا يتخلف عنه المعلول حيث وجد.
فإن القصد إلى الطبخ غير شرط قطعا، حتى لو أوقد موقد نارا بقرب العصير العنبي وهو لا يعلم به فغلى بحيث صار نجسا، ثم نقص فذهب ثلثاه، طهر قطعا.
ومتى لم يكن القصد إلى الطبخ شرطا تعين الحكم بطهره بالنقص المذكور.
الثاني: ما يعمل من العصير العنبي بعد غليانه في البلاد الشامية وغيرها يعرف بين عامتهم بالملبن، ربما توهم بعض الناس نجاسته، وعدم حل أكله وبيعه بعد أن مضى عليه أعصر طويلة لا يعده فقهاء تلك الأعصر نجسا، ولا ينهون على أكله ولا بيعه.
وكأن هؤلاء توهموا كونه بعد تنجيسه واختلاطه بالأجزاء الباقية التي بها يصير حلوا قد سد باب طهارته.
وهذا غلط فاحش، وتصرف في الدين قبيح، مستند إلى ضعف وقصور عن الاستدلال، فإن المقتضي لطهارته وهو نقص الثلثين موجود. وتخيل أن اختلاطه بأجسام أخرى وهو نجس يمنع من طهره بالنقص، لتنجسها به باطل، فإن الدليل الدال على طهره بالنقص المذكور مطلق، فيثبت الحكم في كل فرد تمسكا بمقتضى الإطلاق، ولأن الاعتراف بطهر العصير النجس بالنقص المذكور.
فإن قيل: قد خرج العصير في محل النزاع عن كونه عصيرا مع نجاسته فيستصحب حكم النجاسة.
قلنا: نمنع الخروج المقتضي لصيرورته ماهية أخرى، ولو سلم لزم القول بطهره من وجه آخر، وهو الاستحالة، فكان كما لو انقلب خلا.
والعجب تأثير هذا الوهم الفاسد في نظر هذا المتخيل، وغفلته عن إناء الخمر