ومع صحة التصرفات المذكورة يمتنع ذلك.
وبيانه: إنا لو حكمنا بصحة بيع المشتري لانتقل المبيع إلى المشتري الثاني على وجه اللزوم، فلم يكن للبائع حينئذ الفسخ، وارتجاع المبيع كما كان له قبل البيع، لأن العقد اللازم بالأصالة متى لم يكن له مانع من اللزوم امتنع فسخه.
فإن قيل: لم لا يجوز أن يقع متزلزلا، لابتنائه على عقد متزلزل، فيكون حاله كحاله، متى شاء البائع فسخ العقدين.
قلنا: إن العقد الثاني وقع خاليا من اشتراط الخيار، لأنه المفروض، فإن أمكن تنفيذه على حالته تلك، بحيث لا يثبت معه خيار ولا يتطرق إليه فسخ نفذ، وإلا لم يقع أصلا، إذ لا واسطة بين الأمرين، فإذا انتفى الأول تعين الثاني.
ولا ريب أن تنفيذه على ما هو عليه باعتبار ذاته - أعني خاليا من أسباب الفسخ - غير ممكن بالنظر إلى حال المبيع، لتعلق حق البائع به من حيث استحقاقه فسخ البيع واسترداده.
لا يقال: ثبوت الخيار في العقد الثاني من حيث كون مورده وهو المبيع متعلق الخيار بالبيع الأول، فيرد عليه العقد الثاني بحسب حالته تلك، لامتناع ورود البيع عليه إلا كذلك، نظرا إلى حق البائع الأول وهو الخيار.
لأنا نقول: لما كان السبب الناقل هو البيع كان تأثيره بحسب حال متعلقه، فإذا كان نفس العقد من حيث هو خاليا من مقتضيات الخيار امتنع ثبوته، لأن العقد هو المؤثر في البيع دون العكس، فلا يتأثر به.
ولقوله تعالى: " أوفوا بالعقود " (1، ووجه الاستدلال: أنه تعالى أمر بالوفاء بالعقود، والمراد بذلك: ترتيب أثرها عليه بحسب حالها، وقد فرضنا أن العقد الثاني وقع خاليا من اشتراط الخيار، واللازم إما نفوذه أو بطلانه، لأنه لما وقع