انتفاء هذا المعنى عن محل النزاع.
وإذا انتفى كل من الأمرين اللذين انحصر المقتضي لوجوب الاجتناب فيهما وجب الحكم بانتفاء وجوب الاجتناب، وإلا لم يكن المقتضي مقتضيا، هذا خلف.
الرابع: إن عدم بقاء المنازع على طهارته لو ثبت فإنما يكون ثبوته لاحتمال ملاقاته للنجس، للاتفاق على انتفاء غيره مما يكون صالحا للعلة. وأما احتمال ملاقاته للنجس فإنه بمجرده لا يزيل حكم الأصل الموضوع به، فإن الشك الطارئ لا يزيل اليقين السابق قطعا.
وعند التحقيق فليس هناك ما يتخيل منافاته إلا مجرد احتمال ملاقاته النجس المنفي بأصالة العدم، وبأن احتمال ملاقاته النجس معارض باحتمال كون الملاقي هو الطاهر فيتكافئان ويرجع إلى أصل الطهارة المعلوم قبل ذلك، كما هو مقرر في باب الترجيح في الأصول.
الخامس: أن من صور النزاع ما لو كان الملاقي لأحد الشيئين ماء معلوم الطهارة، وعلى القول بارتفاع الحكم بطهارته يجب الحكم بالتيمم مع وجوده والتالي باطل، لقوله تعالى: " فلم تجدوا ماء فتيمموا " (1 شرط لجواز التيمم فقد الماء، إلا ما أخرجه الدليل، فيبقى محل النزاع داخلا، لعدم الدليل الدال على اخراجه المقتضي للتخصيص من كتاب أو سنة أو إجماع. فإن المخصص للكتاب منحصر في الأمور المذكورة، ومن ادعى مخصصا وجب عليه البيان.
وأما بيان الملازمة فظاهر، لأن شرط جواز الوضوء والغسل كون الماء محكوما بطهارته شرعا، وعلى ما يدعيه الخصم من ارتفاع الطهارة ينتفي الشرط. وإذا كان الحكم في الماء مع الملاقاة المذكورة الطهارة، فكذا غيره، لعدم الفاضل.
وفي معنى الآية المذكورة جميع العمومات والإطلاقات الواردة في السنة بالأمر