الثالث: لو عزم العود وتردد في الإقامة فوجهان: أحدهما الاتمام مطلقا، لانتفاء المقتضي للقصر وهو عزم المسافة، وأصحهما الاتمام في الذهاب والبلد، والقصر في العود، لأن حكم الإقامة يزول بمفارقة البلد، وإنما يعود إليه بقصد إقامة أخرى، ولم يحصل لمنافاة التردد له.
الرابع: لو عزم على المفارقة قصر بخفاء الجدران والأذان على أصح الوجهين وربما احتمل ضعيفا التقصير بالشروع في السير وهو بعيد، لأن جميع أقطار البلد سواء في وجوب الاتمام، والحدود من جملة البلد.
الخامس: أن يتردد في العود وعدمه فوجهان: أحدهما أنه كالثاني، لأن حكم القصر موقوف على الجزم بالمفارقة ولم يحصل، وأصحهما أنه كالرابع، لأن المقتضي للاتمام في الذهاب هو العزم على العود ولم يحصل فهو مسافر.
السادس: أن يذهل عن قصد العود والإقامة وعدمهما، والظاهر الحاقه بما قبله. نعم لو كان له عزم العود أو الإقامة قبل زمان الخروج، وذهل عنه حين الخروج اعتبر قصده السابق.
فرع:
لو خرج ناوي المقام عشرا إلى ما دون المسافة عازما على العود وإقامة مستأنفة لكن من نيته قبل الإقامة التردد إلى البلد الذي خرج إليه مرارا متعددة، فغرضه في هذه المرات كلها الاتمام ذهابا وعودا، لوجود المقتضي للاتمام، وهو خروجه من بلد يقيم فيه إلى ما دون المسافة، وعزمه على إقامة العشرة، وتعدد مرات التردد قبل الإقامة لا يقدح، إذ لا يصير بذلك مسافرا من دون قصد المسافة، وهو منتف بقصد الإقامة قبله. والله أعلم.