وأما ثانيا، فلأن الماء المذكور في الحديث هو ما يحل به الجص، وحمله على ما عداه للجفاف بالشمس بعيد منتف، وقد طعن في المنتهى بهذا الاشكال (1، وتقدمه في ذلك صاحب المعتبر (2. وفي التذكرة علل قول الشيخ بالطهارة بأن النار قد أحالت الأجزاء الرطبة (3. وضعف هذا الاستدلال معلوم، لورود المنع على الكبرى.
وفي الذكري: استدل الشيخ بأن الآجر يجري مجرى الرماد، وليس في شئ من هذا الكلام تصريح بدعوى الاستحالة. ولا شبهة في أن ادعاها فاسد فإن الاستحالة التي علم من الشارح تطهير النجس بها في مواضع هي الاستحالة الماهية بحيث تصير ماهية أخرى، وتتغير الصورة النوعية بحيث تخرج عن ذلك النوع إلى نوع آخر، ويجب لها بذلك اسم مفهوم متباين لمفهوم الاسم الذي كان معلقا عليها قبل ذلك، كما في استحالة العذرة والميتة دودا، والعلقة مضغة، والخمر خلا والعلف النجس روثا لحيوان مأكول، والعظم النجس رمادا على ما سبق في الحديث المتقدم، وما جرى هذا المجرى (4.
فإن الدود نوع آخر وماهية أخرى غير ماهية العذرة والميتة، وبين هاتين الماهيتين تباين كلي قطعا، وكذا الخمر والخل والعلقة والمضغة، والأعيان النجسة والرماد والدخان، إلى آخر ما ذكر.
وليس مطلق التغير استحالة تقتضي حصول الطهارة في النجس إذا بقيت الماهية بحالها، كما إذا تغير صنف من أصناف الماهية فصار صنفا آخر والماهية