في مطاويها، مما تذعن له قلوب العلماء العاملين ولا تمجه أذان السامعين المنصفين، شرعت في تحقيق الحق في ذلك على الوجه المطلوب، مستعينا بالله سبحانه ومتوكلا عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل، فأقول وبالله التوفيق:
لا نعرف خلافا بين أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم، بل بين المسلمين، في أن التربة الشريفة الحسينية صلوات الله على مشرفها، يجوز السجود عليها، سواء شويت بالنار أم لا.
أما غير أصحابنا فظاهر، لأنهم يجوزون السجود على كل شئ طاهر.
وأما أصحابنا فإنا لم نقف لأحد من المعتبرين في ذلك على منع، نعم سلار في رسالته حكم بكراهية السجود على التربة المشوية (1، وسيأتي إن شاء الله بيان ضعفه.
وباقي أصحابنا أطلقوا القول بجواز السجود على الأرض وأجزائها وبعضهم أطلق القول باستحباب السجود على التربة المقدسة.
فالمذهب هو القول بالجواز لا محالة، والقول بالمنع من المشوية خارج عن مقالة علماء أهل البيت عليهم السلام، بل عما عليه جميع أهل الاسلام. وأما القول بكراهية السجود على المشوية فهو قول ضعيف مرغوب عنه، والقائل به هو سلار والمختار خلافه.
فيقع الكلام في مقامين:
أحدهما: في الاستدلال على الجواز، وبيان فساد القول بالمنع.
والثاني: بيان عدم الكراهية، وضعف القول بها.
أما الأول فلا بد في تحقيقه من مقدمة وهي: أن الدلائل الشرعية، منها العام والمطلق والاستصحاب، وما جرى مجراها مما يدل بظاهره، ولا شك في حجيتها ووجوب التمسك بها. ولا فرق بينها وبين الدال على الحكم نصا في أصل الحجة