بسم الله والحمد لله اشتهر على ألسنة بعض الطلبة أن من لا يعرف جميع ما يجب عليه لا يسوغ له القصر في سفره في صوم ولا صلاة، وهذا الكلام مع فساده إذا أخذ على اطلاقه في غاية القبح والشناعة.
أما أولا:
فلأن ذلك لم يسمع في شئ من الأخبار، ولا في كلام أحد من علماء الأمصار على تكرار الأعصار، بل المسموع إذنهم في القصر للعوام وغيرهم من غير فرق.
ولو فرق أحدهم لاشتهر كما اشتهر غيره.
وأما ثانيا:
فلأن المنع المذكور يتطرق إلى طلبة العلم بل إلى أكابرهم سيما أهل عصرنا هذا، فإن أحدا منهم لا يكاد نجده موفيا بما يجب عليه تحصيله. فإن المقلد لا بد أن يعرف جميع الواجبات ويأخذها عمن له أهلية الفتوى ومن له أهلية الاجتهاد، ولا بد أن يترقى ويتوسع إلى أن يحصل جميع الواجبات الكفائية.
وهذا أمر لا يكاد يوجد ولا يتحقق، فإن أحدا لا يخلو من التقصير في التحصيل وحينئذ فيلزم المنع من القصر بالكلية، وهو معلوم البطلان.