فإن كان الأول، بنى على جواز كون عوض الخلع من أجنبي، فإن جوزنا اعتبرت شرائط الخلع جميعها ومنها الفورية، إلا أن الأصح عدم جوازه.
وإن كان الثاني، فله حكم الجعالة الواقعة سائر الأعمال القولية وغيرها فلا تشترط الفورية، ولا يكون الطلاق ثابتا، إذ لا يعد خلعا حينئذ. وجواز الجعل على الطلاق أمر ظاهر، لأنه يجوز على كل عمل مقصود محلل، ومنه إيقاع صيغة عقد ونحوه، وإذا وقع الجعل على الطلاق فالمراد إزالة قيد الزوجية، ومقتضاه عدم الاستحقاق حتى تحصل البينونة، والله أعلم.
مسألة:
ما يقول مولانا أدام الله تعالى أيامه وبلغه في الدارين آماله، في من ركب البحر في مركب معلوم إلى البصرة مثلا، ثم يعرض غرق في البحر، ويعلم بالشياع أو القرائن بأن تلقى إلى بعض السواحل بعض ألواح المركب وآلاته، أو بعض الغرقى، ويسلم البعض ويفقد البعض، والذي يقتضيه الظاهر حصول الهلاك، والذي يقتضيه الأصل الحياة، فهل يرجح الظاهرة مع قوة إمارته؟ أو الأصل مع ضعف أمارته؟ فما يقول به مولانا من أحد القولين وما يفتي به بما تقويه مستدلا معللا بما يزيل الشك ويذهب الريب، أصلح الله بك العباد واذهب بك الفساد بمحمد وآله.
الجواب:
في هذه المسألة - والله الموفق - إن ما أشار إليه الشيخ الأجل أبقاه الله تعالى من أن الظاهر دليل، وحقه إذا عضدته المرجحات والشواهد، وضعف الأصل حدا أن يرجح، وما نقله عن المحققين من علماء الأصول في ذلك هو كلام صحيح لا شك فيه، لكن لا بد من تمهيد مقدمة هي:
إن العمل بالظاهر في الحقيقة رجوع إلى قرائن الأحوال، وما استفيد من العادات المتكررة، فينبغي لذلك أن يكون بينه وبين جنس الحكم الذي يطلب