وقد صرح بعض الأصحاب فيه بالكراهية، فلو كان لأحد منهم قول بالمنع لتوفرت الدواعي على نقله لا محالة، فإذا انتفى وجدان الخلاف في مظانه بعد التتبع الصادق كان ذلك دليلا على العدم، فيجب التمسك به كما إذا تتبع الفقيه مظان النص في المسألة فلم يجد شيئا، فإن ذلك كاف في الحكم بأن المسألة لا نص فيها وإن تطرق احتمال وجوده في بعض الكتب التي لم يتفق وقوفه عليها، فإن ذلك نادر، واحتمال النادر لا اعتبار به بعد التتبع الصادق قطعا.
وأيضا فإن من ترجح عنده قول في مسألة الدليل اشترط لصحته أن يكون له سلف في القول به، حذرا من خرق الاجماع، إلا أن يكون من الفروع المتجددة التي لم يجر فيها للفقهاء خوض، كما هو مقرر في الأصول، فيمتنع القول بالمنع هاهنا، لانتفاء قائل به في السلف، وظاهر الجميع القول بالجواز كما حققناه.
وإن شئت سقت دليل الاجماع بوجه آخر، وهو أن عمل السبح وغيرها من التربة الحسينية على مشرفها الصلاة والسلام، من أعصر أئمتنا عليهم السلام إلى عصرنا هذا، وفي سائر الأعصر التي مرت على الناس فيما بين أذنيك، وفي كل عصر وكل قطر جمع من أكابر علماء الإمامية ومحققيهم، والغالب في علمنا أن تشوى بالنار طلبا لتصلبها وصيانتها عن التفتت والانتشار، وسهولة تطهيرها بالقليل والكثير لو عرض لها ما يوجب ذلك.
وهذا أمر شائع شهير معلوم لكل عاقل لا ينكره أحد، ولم تزل الناس في كل طبقة يسجدون عليها ويتناقلونها من قطر إلى قطر، ولم ينكر ذلك أحد، ولم ينه عنه ناه، ولم ينقل ناقل منع أحد منه ولا إنكاره لفعله، مع أنه مما عمت به البلوى وكثر وقوعه واشتهر بينهم فعله.
ولو كان السجود عليه ممنوعا منه عندهم أو عند أحد منهم لنهوا عنه وأنكروا على فاعله، فيكون اطباقهم على التقرير على فعله إجماعا منهم على الجواز، وأقل