يناولونهما حتى تمت اثنا عشر ذراعا، فلما انتهى إلى موضع الحجر ناداه أبو قبيس يا إبراهيم ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه، وهيأ له بابين بابا يدخل منه وبابا يخرج منه وجعلا عليه عتبا وشريجا (1) من جريد على أبوابها.
وكانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم عليه السلام وقد سوى البيت وأقام إسماعيل عليه السلام فتزوج إسماعيل امرأة من العمالقة وخلى سبيلها، وتزوج أخرى حميرية فكانت عاقلة فتأملت بابي البيت فقالت لإسماعيل عليه السلام: هلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من ههنا وسترا من ههنا؟ فقال لها: نعم فعملت للبيت سترين طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما إسماعيل عليه السلام على البابين فأعجبها ذلك فقالت: فهلا أحوك للكعبة ثيابا تسترها كلها فإن هذه الأحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل عليه السلام: بلى فأسرعت في ذلك وبعث إلى قومها تستغزلهم، وإنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذلك فكلما فرغت من شقة علقتها، فجاء الموسم وقد بقي وجه واحد من وجوه الكعبة فقالت لإسماعيل عليه السلام: كيف نصنع بهذا الوجه؟ فكسوه خصفا (2) فلما جاء الموسم نظرت العرب إلى أمر أعجبهم فقالوا: ينبغي أن نهدي إلى عامر هذا البيت فمن ثم وقع الهدي، فجعل يأتي الكعبة كل فخذ من العرب بشئ من ورق وغيره حتى اجتمع شئ كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا الكسوة وعلقوا على البيت بابين.
ولم تكن الكعبة مسقفة فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل الأعمدة التي ترون من خشب، وسقفها بالجرائد، وسواها بالطين، فجاءت العرب من الحول فدخلوا الكعبة ورأوا عمارتها فقالوا: ينبغي لعامر هذا البيت أن يزاد، فلما كان من قابل جاءه الهدي فلم يدر إسماعيل عليه السلام ما يصنع به، فأوحى الله عز وجل إليه أن انحره وأطعمه الحاج.