من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ٢ - الصفحة ٥٧١
عند أسطوانة التوبة وهي أسطوانة أبي لبابة (1) التي ربط نفسه إليها وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله
(1) هو أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري المدني، واختلف في اسمه، فقيل: رفاعة، و قيل مبشر، وقيل بشير، وهو أحد النقباء وقصته معروفة في التواريخ والتفاسير، ذيل قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " وهي أن بني قريظة لما حوصروا بعثوا إلى رسول الله (ص) أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بنى عمرو بن عوف - وكانوا حلفاء الأوس - لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله (ص) إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم، و قالوا له: يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد، قال: نعم وأشار بيده إلى حلقه - أنه الذبح - قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله (ص) ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول الله (ص) فذهب إلى المسجد وارتبط نفسه إلى عمود من عمده وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله على وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبدا، فأنزل الله تعالى الآية، فلما بلغ خبره رسول الله (ص) قال: أما انه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذا قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب الله عليه، فلم يزل مرتبطا بالجذع ست ليال وتأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط، ونزلت توبته ورسول الله في بيت أم سلمة قالت: سمعت رسول الله في السحر وهو يضحك، فسألته مم تضحك أضحك الله سنك؟ قال: تيب على أبى لبابة، قلت: أفلا أبشره! قال: بلى ان شئت، قالت: فقمت إلى باب الحجرة وقلت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا والله حتى يكون رسول - الله (ص) هو الذي أطلقني بيده فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حين خرج لصلاة الصبح وأطلقه. ووهم بعض الشراح فعده من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.