من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ٢ - الصفحة ٤٦١
والصدقة والعتق " (1).
2973 - وقال رجل للصادق عليه السلام: " جعلت فداك إني كنت نويت أن أشرك
(١) تقدم نحوه ج ١ ص ١٨٥ وتقدم الكلام في وجه انتفاع الميت بما أهدى إليه هناك ونزيدك ههنا بيانا وهو ما قاله استاذنا الشعراني في هامش الوافي قال - مد ظله - في جملة كلامه ما حاصله: " مستحق الاجر العامل وما يصل إلى الميت تفضل من الله تعالى وذلك لان ما يصل إلى العبد في الآخرة ثلاثة أقسام ثواب وعوض وتفضل، لأنه اما أن يكون على سبيل الاستحقاق أو لا، والثاني هو التفضل، والأول اما أن يكون على العمل الاختياري أو على غير الاختياري، والأول هو الثواب مثل ما يستحقه على الصلاةوالصوم، والثاني هو العوض مثل ما يستحقه على الآلام والأمراض والفقر وغيرها، والميت لا يستحق بعمل الغير شيئا لأنه اما أن يكون عاصيا فرفعه عنه بفعل الغير تفضل، وهو واضح، وإن كان معذورا لا يستحق عقابا سواء أتى الولي أو الغير بقضاء ما فات عنه أو عصى ولم يأت وهذا شئ يوافق أصول مذهبنا ومذهب أهل العدل، ويصح دعوى الاجماع بل ضرورة المذهب عليه، وببالي أنى رأيت دعوى الاجماع من ابن شهر - آشوب عليه الرحمة ولكن يظهر من كلام شيخنا الأنصاري - قدس سره - أن في المسألة خلافا بين الامامية فالمشهور على أن الثواب للميت، والسيد المرتضى والعلامة - قدس سرهما - على أن الثواب للعامل، ثم إنه سرد أحاديث كثيرة وتعجب من السيد واستبعد أن تكون تلك الأخبار مخفية عن مثله، والحق أن مذهب السيد - رحمه الله - اجماعي موافق لأصول المذهب لان الثواب كما ثبت في علم الكلام بل العوض أيضا إنما هما على الكلفة التي يحتملها المكلف من جانب المولى والواجب في مذهب أهل العدل ايصال نفع إليه جبرا لتلك المشقة والكلفة واما من لم يتكلف شيئا فلا يجب على المولى اثابته.
وأما الأحاديث التي سردها (ره) فلا يدل الا على انتفاع الميت بالعمل وهذا مما لا ريب فيه ولكنه تفضل لا استحقاق ولم يدل على كونه مستحقا لاجر عمل تكلفه غيره الا إذا أوصى فله ثواب الوصية سواء عمل الأوصياء بوصيته أو لا، وقال بعض أساتيذنا ان الشيخ - رحمه الله - حمل الثواب على مطلق انتفاع الميت وفهم من عدم الثواب عدم الانتفاع مطلقا ولذلك تعجب من السيد - قدس سره - وجعل مفاد الاخبار ردا عليه. وهو بعيد لان الفرق بين الثواب والتفضل والعوض معروف في الكتب الاعتقادية وكون الثواب في مذهب أهل العدل واجبا لاستحقاق العبد بسبب الكلفة أيضا معروف، والسيد العلامة وغيرهما كانوا معتنين بهذه المسائل أشد اعتناء أكثر من اعتنائهم بالمسائل الفرعية أو مثلها لابتلائهم بالمحاجة مع المخالفين، فإذا أطلقوا لفظ الثواب ما كان ينصرف أذهانهم الا إلى المعنى المصطلح عليه في علم الكلام الذي صرفوا عمرهم في اثباته ورد أهل الجبر من مخالفيهم ولا يحتمل البتة أن يريدوا بالثواب مطلق الانتفاع بل المراد منه في كلامهم الاستحقاق قطعا ولا ريب أن المستحق للثواب هو العامل وانتفاع الميت تفضل.
ثم إن مطلق انتفاع الميت بعمل الاحياء ليس مما يحتاج في اثباته إلى هذه الأحاديث بل هو مما اتفق عليه أهل الملل وليس الصلاة على الميت الا لذلك وكذلك زيارة القبور والاستغفار لهم، ويدل عليه آيات كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى " ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان " وقوله: " استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " وقوله " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون " إلى غير ذلك، ولكن جميع ذلك لا يدل على أن الميت يستحق ثواب الصلاة والاستغفار بل يدل على ايصال نفع إليه تفضلا. والله العالم.