لأصحابه: لو أن رجلا عنده مائة ألف (1) ثم أراد أن يضعها موضعها لوجد، ففي هذا ما يدل على أن الصدقة غير الزكاة، يستحب ويرغب فيها وليست بواجبة كالزكاة، ولا رد السائل بحرام محرم، ولكن في الصدقة فضل عظيم، وقد ذكرنا منها وجوها، فهي تدفع البلاء (2) وقد ذكرنا بعض ذلك.
(1267) ومما لم نذكره ما روينا عن علي بن الحسين (ع) أنه نظر إلى حمام مكة فقال: هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم؟
فقالوا: أنت أعلم يا بن رسول الله، فأخبرنا، قال: كان فيما مضى رجل قد أوى إلى داره حمام فاتخذ عشا في خرق جذع نخلة كانت في داره، وكان الرجل ينظر إلى فراخه، فإذا همت بالطيران رقى إليها فأخذها فذبحها والحمام ينظر إلى ذلك فيحزن له حزنا عظيما، فمر له على ذلك دهر طويل لا يطير له فرخ فشكا ذلك إلى الله عز وجل، فقال (ع ج): لئن عاد هذا العبد إلى ما يصنع بهذا الطائر لأعجلن منيته قبل أن يصل إليها. فلما أفرخ الحمام واستوت فراخه صعد الرجل للعادة فلما ارتقى بعض النخلة وقف سائل ببابه، فنزل فأعطاه شيئا، ثم ارتقى فأخذ الفراخ فذبحها والطير ينظر ما يحل به فقال: ما هذا يا رب. فقال الله (ع ج): إن عبدي سبق بلائي بالصدقة، وهي تدفع البلاء. ولكن سأعوض هذا الحمام عوضا صالحا، وأبقى له نسلا لا ينقطع ما أقامت الدنيا، فقال الطير: رب، وعدتني (3) بما وثقت بقولك وإنك لا تخلف الميعاد. فحينئذ ألهمه الله عز وجل المصير إلى هذا الحرم وحرم صيده. فأكثر ما ترون من نسله، وهو أول حمام سكن الحرم.