وعندهم منه بقية كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه فلا هم أعطوه شيئا ولا هم صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم حتى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام فخر من قامته، قد غشى عليه (1) فلم يقم إلا بعد هوى من الليل فنهض لما به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك الليلة ملكا أتاه، فقال: يا يعقوب يقول لك رب العالمين: وسعت عليك في المعيشة وأسبغت عليك النعمة فيعتر ببابك نبي من الأنبياء، كريم علي قد بلغ به حد الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم، ما القليل (2) منه يحييه فلم تعطوه شيئا ولم تصرفوه، فيسأل غيركم حتى غشى عليه وخر من قامته لاصقا بالأرض عامة ليلته وأنت على فراشك مستبطنا متقلبا (3) في نعمتي عليك. وكلاكما بعيني، وعزتي وجلالي لابتلينك ببلية تكون بها حديثا في الغابرين. فانتبه يعقوب مذعورا وفزع إلى محرابه ولزم البكاء والخوف والحزن حتى أصبح فأتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم للرعي (4) وكان من أعزهم عليه فقدر في نفسه أن الذي رآه في منامه وتواعده الله به إنما يكون فيه، ولم يكن قدر أن ذلك يكون من بنيه وإنما خاف عليه السباع أن تأكله. ثم ذكر أبو جعفر (ع) قصة يوسف بطولها إلى آخرها، فكل ما ذكرنا من الامر في إعطاء السؤال، فهو من الندب وليس من الفرض. وإنما الفرض الزكاة. وما بعد ذلك فهو من التقرب إلى الله (ع ج) بالخير. ومن السنة التي لا ينبغي أن يرغب عنها ونوافل الصدقات المرغب فيها.
(1262) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه ذكر فرائض الصدقات