وعلما، ويجهدوا فيه رأيهم، وعليه أن يحكم بالكتاب والسنة، وما لم يجده فيما اجتهد (1) فيه رأيه، قالوا: وطاعته تجب على الناس ما أطاع الله فإذا عصى الله فلا طاعة له عليهم، ووجب القيام (2) وخلعه والاستبدال به.
وقالت المعتزلة: لم يقدم رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا بعينه ولا أشار إليه، ولكنه أمر الناس أن يختاروا بعده رجلا يولونه على أنفسهم، فاختاروا أبا بكر.
وقالت الخوارج: لم ندر ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله أمر في ذلك بشئ ولا أنه لم يأمر ولا أشار ولا لم يشر، ولكن لابد من إمام يقيم الحدود وينفذ الأحكام فنقيمه علينا.
فنقول بتوفيق الله وعونه (3) لمن زعم أن رسول الله (صلع) لم يقدم أحدا، وهم جميع من حكينا قوله: قولكم هذا غير جائز قبوله بإجماع منا ومنكم ومن جميع المسلمين، لأنهم قد أجمعوا أن النافي للشئ ليس بشاهد فيه، وإنما الشاهد من أثبت شيئا شهد أنه كان، فأنتم نفيتم أن يكون رسول الله (صلع) استخلف أحدا على أمته أو نصب إماما للأمة من بعده، فلم تشهدوا بشئ، وإنما نفيتم شيئا أنكرتموه، ومن شهد بذلك فهو أولى بالقبول، وأوجب أن يكون شاهدا منكم، لأنكم وجميع الأمة تقولون في رجلين، قال أحدهما: سمعت فلانا قال كذا أو رأيته يفعل كذا، ويقول الآخر: لم أسمعه قال ذلك ولا رأيته فعل ذلك، إن الشاهد بالرؤية والسماع هو الشاهد المأخوذ بشهادته، ومن قال لم أسمع ولم أر ليس بشاهد، ولا يبطل قوله قول من شهد بالسمع والعيان، وقد ذكرنا ما كان من قيام رسول الله (صلع) بولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم غدير خم، وقد رويتم معنا ذلك، وإن ذلك من آكد بيعة وأوجب ما يوجب الإمامة مع كثير مما ذكرناه، وكثير قد اختصرنا ذكره اكتفاء بما بيناه. ولو كانت الإمامة (4) كما زعمتم إنما تكون باختيار الناس لكان رسول الله (صلع) قد (5) جمعهم وأمرهم (6) أن يختاروا لأنفسهم إماما، وكيف للناس