جهات أخر أي: من حيث التمكن من الحضور وعدمه، ومن حيث الاعلام وعدمه، ومن حيث كونه مسافرا شرعيا أو ولم يكن بالغا مسافرته إلى حد المسافة الشرعية.
وأما في قضية هند زوجة أبي سفيان فقوله صلى الله عليه وآله: " خذي ما يكفيك وولدك " فالظاهر أنه صلى الله عليه وآله كان في مقام بيان الحكم الشرعي وانه يجوز لها الاخذ بقدر كفايتها وكفاية ولدها لا في مقام الحكم بين المتخاصمين.
وأما خبر أبي موسى الأشعري فظاهرها الحكم على الممتنع المتخلف عن موعده لا أن يكون غائبا عن البلد.
وخلاصة الكلام ان مفاد هذه الأخبار جواز الحكم أما على المسافر الخارج عن البلد أو على الممتنع عن الحضور المتخلف عن موعده.
وأما الاستدلال على جواز الحكم على الغائب بأنه عدم الجواز مع قيام البينة ربما يوجب الضرر الكثير على المدعي فهذا وأمثاله من الاستحسانيات لا يمكن أن يكون مدركا ولا ملاكا للحكم الشرعي، لان دين الله لا يصاب بالعقول، فالعمدة هي الروايات وقد عرفت حالها ومفادها وانه يجوز الحكم على الغائب في موردين الممتنع المتمكن ولو كان في البلد والمسافر مطلقا نعم يظهر من مرسل جميل وخبر محمد بن مسلم ان المال الذي يؤخذ من الغائب لا يعطى للمدعي إلا بكفلاء إذا لم يكن مليا، وذلك من جهة انه من الممكن انه بعد قدومه يثبت بالبينة أو بامارة أخرى عدم اشتغال ذمته بشئ، فإذا لم يكن مليا فربما يضيع ماله.
ثم إنه قد يستدل لعدم جواز الحكم على الغائب مطلقا برواية أبى البختري:
" لا يقضي على غائب " (1).