بنكول المنكر عليه أو مع يمين المدعي، وفيما نحن فيه لا يمكن ذلك. أما بناء على وجوب الحكم على المنكر بصرف نكوله وعدم حلفه، فمن جهة ان المدعي يشك في استحقاقه على الفرض، فلا يجوز له الاخذ بعد الحكم فيكون الحكم لغوا فيكون السماع لا فائدة فيه بل لا معنى له.
وأما بناء على أن الحكم بثبوت الحق على المنكر بعد عدم البينة ونكوله عن الحلف متوقف على يمين المدعي، ففيه مضافا إلى عدم جواز الاخذ عدم جواز حلفه، لأنه لا حلف إلا عن بت، ففي كلا الشقين يكون الحكم لغوا.
الثالث: انه في الدعاوي الصحيحة المنكر له الخيار بين ان يحلف أو يرد إلى المدعي، وفي المقام لا يمكن الرد لعدم علم المدعي بثبوت الحق فلا يجوز له ان يحلف فلا وجه للرد. والعمدة فيما ذهب إليه المشهور - من اشتراط سماع الدعوى إلى كونها عن بت وجزم - هو الوجه الأول أي: عدم كونه مدعيا عرفا إلا مع الجزم في دعواه، وإلا فبصرف أن يقول: احتمل أن يكون فلان مديون لي بكذا - أو احتمل أن يكون عين مالي الفلاني عنده - لا يصدق عند العرف انه مدع وطرفه منكرا ويكون مدعى عليه.
وأما الوجه الثاني والثالث فضعفهما واضح، إذ عدم امكان ترتب بعض آثار الدعاوي الصحيحة على الدعوى غير الجزمي لا يوجب عدم سماعها وعدم ترتيب الآثار الممكنة.
وأما التفاصيل المنقولة في هذه المسألة عن جماعة من الأساطين (قدهم) من وجوب السماع في مورد التهمة دون غيره، أو في صورة الظن دون الوهم والشك، أو السماع فيما يعسر الاطلاع عليه دون غيره، أو السماع في صورة احتمال صدور الاقرار من الطرف، أو وجوب البينة للمدعي دون غيرها، فكلها مما لا وجه لها، وما ذكروها في وجه هذه التفاصيل لا يمكن الركون إليها.