يستشكل به على هذه القاعدة بان الضمان في كلا الموردين لم يكن مما قصده المتعاملان، فكيف صار الضمان على البايع لو وقع التلف قبل القبض أو لمن ليس له الخيار في زمن خيار الآخر؟
ولكن فيه ما ذكرنا هناك من بناء العرف والعقلاء على أن انشاء العقود المعاوضية، والمبادلة في عالم الاعتبار والتشريع لأجل الاخذ والاعطاء الخارجي، بحيث لو لم يكن العوضان قابلين للاخذ والاعطاء خارجا تكون المعاملة والمبادلة في عالم التشريع لغوا وسفهيا وعملا غير عقلائي فقابلية الاخذ والاعطاء خارجا مأخوذة في حقيقة المعاملة والمعاوضة حدوثا وبقاء.
فإذا خرج عن هذه القابلية بواسطة التلف يكون بقاء المعاملة لغوا بنظر العرف والعقلاء، فتنحل عندهم، ولذلك ليس المراد بالضمان هو الضمان الواقعي، بل المراد انحلال العقد آنا ما قبل التلف ورجوع كل واحد من العوضين إلى مالكه الأول فلا نقض على هذه القاعدة، لان بقاء المعاملة منوطا ببقاء قابلية الاخذ والاعطاء خارجا مقصود من أول الأمر، فالقصد تعلق بانحلال العقد حين ذهاب تلك القابلية.
هذا بالنسبة إلى قاعدة " كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ".
واما المسألة الثانية، أي: (التلف في زمن الخيار من مال من لا خيار له) فلما ذكرنا في تلك القاعدة في المجلد الثاني من هذا الكتاب من أن التلف بمنزلة الفسخ، من جهة ان العقلاء يرون في موارد ثبوت الخيار ان حكمة جعل الخيار أن ذا الخيار يتأمل وينظر في أنه هل ابقاء هذه المعاملة من صلاحه أم لا؟ بل حله وفسخه أصلح بحاله؟
فإذا وقع التلف على الذي انتقل إلى ذي الخيار فلا يبقى مجال للنظر والتأمل، بل يكون التلف بمنزلة الفسخ، فقهرا ينحل العقد فهذا المعنى مقصود للمتعاملين ويقع جميع ذلك على طبق قصد المتعاقدين.