يمضها الشارع، فجميع ذلك لا يقع شرعا قطعا، بل المراد ان المعاملات العقلائية وعقودهم وعهودهم الدائرة فيما بينهم ان أمضاها الشارع فلا تقع الا مع قصدها وارادتها مع تحقق سائر الشرائط، من شرائط العقد ومن شرائط المتعاقدين ومن شرائط العوضين ان كانت المعاملة من المعاوضات.
هذا بالنسبة إلى نفس العناوين، وأما بالنسبة إلى خصوصيات المعاملة، ككون الثمن من نقد البلد أو من نقد خاص وان لم يكن من نقد البلد أو وإن كان من اي نقد من النقود أو وإن كان من العروض، فجميع ذلك تابع لإرادة المتعاقدين وقصدهم، وكذلك الشرائط الضمنية ككون الثمن مساويا مع المبيع في البيع وغيره من الشرائط الضمنية، غاية الأمر الدليل على القصد والإرادة في عالم الاثبات قد يكون بتصريح من الطرفين أو من أحدهما، وقد يكون بالاطلاق وقد يكون بالانصراف.
والا ففي عالم الثبوت لا مناص الا من إرادة هذه الخصوصيات، إذ بدون القصد والإرادة لا توجد ولا تتحقق.
والسر في ذلك هو ما ذكرنا: من أن العقد هو العهد المؤكد، والعهد بدون قصد ما يتعاهد عليه لا يمكن، وفى الحقيقة العقد - كما قلنا - ليس من باب الألفاظ بل من الأمور القلبية التي قد تسمى بعقد القلب، واطلاقه على ألفاظ القبول والايجاب مجاز من قبيل اطلاق لفظ الموضوع للمدلول على الدال، أو من قبيل اطلاق لفظ الموضوع للمسبب على السبب وإن كان في تسمية المنشأ بتلك الألفاظ بالمسبب وتسمية تلك الألفاظ بالسبب مسامحة، وذلك من جهة ان سبب المنشأ هو العاقد لا ألفاظ العقد أي ألفاظ القبول والايجاب، بل تسميتها بآلة الانشاء أولى.
وخلاصة الكلام في المقام: ان القصد والإرادة له تمام المدخلية في تحقق العقود والمعاهدات وتحقق خصوصياتها، ولا معنى لتحقق المعاهدة أو العهد بدون ان يقصد المعهود، وكذلك ما تعاهدا عليه، ولذلك أشكلنا على القائلين بالإباحة في بيع المعاطاة