أن من استمر به المرض إلى رمضان آخر، لا قضاء عليه بل يتصدق مستدلا على ذلك بنصوص لزرارة وابن مسلم وسواهما، لكنة نقل قولا لابن بابويه بوجوب القضاء حيث استند هذا الأخير إلى عموم الآية: من كون مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) في شمولها لمن استمر فيه المرض أو عدم استمرار، حيث عقب قائلا: (وقول ابن بابويه عندي قوي، لا يعارض الآية التي استدل بها: الأحاديث المروية بطريق الآحاد). والتأرجح هنا واضح من خلال ذهابه إلى عدم وجوب القضاء في استناده للنصوص المشار إليه " وقد استدل بها في مسألة سابقة تتعلق بقضاء السنة الماضية دون أن يشير إلى أنها أخبار آحاد " ثم ذهابه إلى " قوة " الرأي الذي ذهب إليه ابن بابويه، حيث يجسد هذان النمطان من الحكم تأرجحا بينهما كما هو واضح. بيد أن ذهاب المؤلف إلى أن النصوص المشار إليها أخبار آحاد مما يلفت النظر حقا، بصفة أنه عمل بهذه الأخبار من جانب، وبصفة أنها لا تتضارب من الآية الكريمة من جانب آخر، بل إنها تفصل إجمالها أو تخصص عمومها، فلا مسوغ حينئذ للقول بأنها تطرح، لمخالفتها الكتاب الكريم.
ويمكننا الاستشهاد بنموذج ثالث من ممارساته التي يرجح فيها أحد الجانبين إلا أنه يتوقف في النهاية، ما نلحظه في ممارسته الذاهبة إلى عدم جواز " القران " بين سورتين في الفريضة حيث استدل على ذلك بنصوص مانعة، وبالمقابل قدم أدلة المخالف التي تجوز ذلك.
وبالرغم من أنه رد أدلة المخالف بكون أدلته الشخصية أصح سندا وأوفق للاحتياط، إلا أنه في النهاية صرح بأنه (في هذه المسألة: من المترددين). كذلك - في نموذج رابع - في ممارسته الذاهبة إلى عدم طهارة فضلات ما لا يؤكل لحمه، استند إلى جملة من النصوص منها: رواية ابن سنان: (اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه) لكن بما أن هناك رواية لأبي بصير تستثني عضوية " الطير " من ذلك (كل شئ يطير فلا بأس.) حينئذ عقب قائلا: (والرواية مشكلة، وهي معارضة لرواية ابن سنان. إلا أن القائل يقول: إنها غير مصرحة بالتنجيس، أقصى ما في الباب أنه أمر بالغسل منه، وهذا غير دال على النجاسة إلا من حيث المفهوم.).