(إنه حكاية قول أبي هريرة فلعله " توهم " ما ليس بفرض فرضا).
ومما يكسب أمثلة هذا الرد قيمة علمية، أن المؤلف - في حالات كثيرة - لا يقف عند مجرد إمكان " التوهم "، بل نجده يستدل على ذلك. وهذا من نحو رده على الاتجاه الذاهب إلى وجوب إرغام الأنف في السجود حيث احتج المخالف برواية لابن عباس عن النبي " ص ": (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وأشار بيده إلى الأنف) فيما عقب المؤلف أولا على ذلك بقوله:
(فلعل الراوي رأى محاذاة يديه لأول الجبهة، فتوهم الأنف).
بعد ذلك، استدل المؤلف على " توهمه المذكور برواية أخرى للراوي نفسه، عد الأنف منها، فعقب عليها بقوله:
(وقوله " ع " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ثم عد الأنف، دليل على أنه غير مراد بأمر الوجوب، وإلا لكان المأمور ثمانية).
إن أمثلة هذا الاستدلال يظل من المتانة والقوة بمكان كبير، حيث أثبت إمكان " التوهم " من الراوي بما لا مجال للشك فيه، وهو أمر يدعو إلى إكبار المؤلف في أمثلة هذه الردود. ومنها:
3 التعامل منع الرواية من خلال معارضتها من قبل الراوي نفسه أي: معارضة روايته برواية أخرى للراوي ذاته. وهذا من نحو رواية أبي هريرة التي احتج بها المخالف بالنسبة إلى وضع اليدين قبل الركبتين في الهوي إلى السجود: (إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه) حيث عقب المؤلف على هذه الرواية: (ورواية أبي هريرة معارضة بالرواية التي نقلناها عنه، وذلك مما يوجب تطرق التهمة إليه) ويقصد بها رواية احتج بها المؤلف لوجهة نظره الذاهبة إلى وضع اليدين قبل الركبتين في الهوي إلى السجود، والرواية هي: (إذا سجد أحد كم فليضع يديه قبل ركبته ولا يبرك بروك البعير). بيد أن مثل هذا الرد يظل عرضة للإشكال من جانبين، أحدهما: سقوط الروايتين كلتيهما، حيث يفترض في مثل هذه الحالة إما أن يصحح المؤلف إحدى الروايتين أو يرجع إلى ثالثة أو إلى الأصول العملية ونحوها: عند تعارضهما. الجانب الآخر: أن قول المؤلف بأن معارضة