الرواية الأولى بالثانية توجب " تطرق التهمة " تنعكس عليه أيضا، لأن الرواية الأولى ساقها للتدليل على صحة وجهة نظره، فإذا أسقط الروايتين، يكون قد أسقط دليله أيضا، وهذا ما يجعل الرد المذكور غير محكوم بصواب ممارسته. وهذا على العكس مثلا من ممارسة أخرى، صحح فيها المؤلف إحدى الروايتين المتعارضتين عند رده على دليل خصمه فيما استند - بالنسبة إلى زعمه بعدم وجوب سورة الحمد - إلى قوله " ص " (ثم اقرأ ما تيسر من القرآن.) حيث رد المؤلف على ذلك بأن الرواية المذكورة رويت بصيغة أخرى هي: (ثم اقرأ بأم القرآن). وهذا ما يكسب الرد المشار إليه، قيمة علمية: ما دام المؤلف قد اضطلع بتصحيح إحدى الروايتين وهي: الرواية التي اعتمدها دليلا لوجهة نظره، كما هو واضح. ومنها: 4 التعامل مع الرواية من خلال معارضتها مطلقا، أي: معارضتها بروايات أخرى. وهذا النمط يتماثل مع سابقه - من حيث مستويات الرد التي تتجه إلى إسقاطهما أو تصحيح إحداهما. إلخ ففي مجال التصحيح مثلا نجد المؤلف يرد على احتجاج المخالف الذاهب إلى أن التكبير في الأذان مرتان لا أربع، واستناده إلى رواية تقول بأن أحد المؤذنين في زمن الرسول " ص " كان يجعل التكبير مرتين، حيث رده المؤلف:
(إنه معارض بحديث بلال - وكان المؤلف قدمه لدعم أدلته الشخصية - فيما تقول الرواية بأن الرسول " ص " علمه التكبير بأربع مرات والأخذ به أولى، أنه كان أكثر ملازمة لرسول الله " ص ") وأهمية مثل هذا الرد تتمثل في تصحيح الرواية المعارضة من خلال كون المؤذن أكثر ملازمة للنبي " ص " وهذا مرجح لها، أو أسقاط للرواية المعارضة لها. فيما يكشف مثل هذا التصحيح عن براعة فائقة في الممارسة الفقهية دون أدنى شك. ومنها:
5 التعامل مع الرواية من خلال تذوق دلالتها، أي: استشفاف المخالف دلالة مغايرة لظهورها وهذا ما يمكن ملاحظته في رد المؤلف على الجمهور في ذهاب الأخير إلى عدم ناقضية النوم للوضوء، إلا في حالات خاصة، مستندين في ذلك إلى رواية تقول: (الوضوء على من نام مضطجعا، فإنه إذا اضطجع استراحت مفاصله) ورواية أخرى جاء فيها: (بينا أنا جالس في صلاتي إذ رقدت، وإذا النبي " ص " فقلت: يا رسول الله، على من هذا