(والجواب عن أحاديث أبي حنيفة بضعفها فإن أكثر العلماء أنكرها ولم يرو منها أصحاب السنن وقال أحمد: ليس بصحيح عن النبي " ص " إنما هو عن ابن عمر، وقال الخطائي: يرويه محمد بن ثابت، وهو ضعيف).
فالملاحظ هنا، أن المؤلف قد اعتمد مقاييس الجمهور في تجريح هذه الروايات، من خلال علماء الحديث، أو أصحاب السنن، أو رواد المذاهب أنفسهم من حيث إنكار بعضهم لمبادئ البعض الآخر، حيث يعد مثل هذا المنحى من الرد أسلوبا بارعا في " الإلزام "، كما هو واضح.
بيد أنه إذا كان المؤلف يعتمد مقاييس الجمهور في تقويم الرواية من أجل " إلزامهم " بمقاييسهم ذاتهم، فهذا لا يعني أنه يتقبل ذلك بنحو مطلق حتى لو كان ذلك على حساب مبادئه الخاصة مثلا. بل إن " الموضوعية " و " الحياد العلمي " الذي تفرضه " المقارنة " من جانب، وخطأ بعض المقاييس التي يصدر عنها الجمهور من جانب آخر، يفرضان على المؤلف ألا يتقبل المعيار المخطئ لديهم. لذلك نجده يرد مثلا على الحنابلة الذين طعنوا في حديث - ورد عن طريق الجمهور - للإمام " ع " فيما قدمه المؤلف دليلا لوجهة نظره بالنسبة إلى التخيير في الأخرتين بين التسبيح والحمد. يرد على الطعن المذكور، بقوله:
(وطعن الحنابلة - في حديث علي " ع " بأن الرواية هي للحارث بن الأعور، وقد قال الشعبي: إنه كان كذابا - باطل، لأن المشهور من حال الحارث: الصلاح وملازمته لعلي " ع ". وأما الشعبي، فالمعلوم منه: الانحراف عنه " ع ": وملازمته لبني أمية، ومباحثته لهم، حتى عد في شيعتهم).
إن أمثلة هذا الرد تتناسب مع موضوعية المنهج المقارن الذي يفرض على المؤلف ألا يتقبل المعايير المخطئة للجمهور، بخاصة أن المؤلف استند إلى عنصري: " السيرة والتأريخ " في تدليله على فساد الطاعن وصلاح المطعون. ومنها:
2 التعامل مع الرواية من خلال السمة الذهنية للراوي من حيث إمكان " توهمه " في عملية النقل. وهذا من نحو رواية أبي هريرة عن النبي " ص " القائلة: " جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا: فريضة " حيث عقب المؤلف عليها قائلا: