جواز التكلم بالنسبة لمن ظن الإتمام، ينطوي على جملة من الملاحظات، منها: استشهاده بها في حكمين مختلفين هما: النسيان والظن مع أنها لا تتضمن إلا حكما واحدا. وحتى مع صحة الفرضية الأولى لا يمكننا أن نعتمدها ما دام المؤلف نفسه قد رفضها بالنسبة إلى النسيان، فيما ينبغي أن يرفضها بالنسبة إلى الظن أيضا، ما دامت متعلقة بفعل واحد.
مضافا لما تقدم، فإن الرواية المذكورة ما دامت تتضمن ما هو يتنافى مع عصمة النبي " ص " حينئذ لم يكن هناك أي مسوغ للاستدلال بها ما دام المؤلف قد أخذ على نفسه ألا يعتمد - حتى في مجال الإلزام - ما لا يتسق مع الشرع بنحو ما قلناه مثلا: في رفضه لمعاييرهم المرتبطة بالقياس والاستحسان ونحو هما مما يرفضها حتى في حالة " الإلزام ".
وأيا كان، فإن المؤلف خارجا عن الملاحظة المذكورة، يظل - كما قلنا - متعاملا مع " روايات " الجمهور حسب ما يتطلبه منهج " المقارنة " من الاعتماد على " أدواتهم الاستدلالية " التي لا تتعارض مع أدلة " الخاصة " بالنحو الذي أوضحناه.
أما ما يتصل بأدوات الاستدلال الأخرى، فإن المؤلف يمارس نفس المنهج، وهذا مثل تعامله مع دليلي: " الإجماع " و " عمل الصحابة ". وهو ما يمكن ملاحظته في الممارسة التالية " بالنسبة إلى عدم جواز المسح على الخف، فيما عرض جملة أدلة الجمهور "، منها:
(... وما روي عن الصحابة من إنكاره، ولم ينكر المنازع، فدل على أنه إجماع).
ومثل الممارسة التالية " بالنسبة إلى جواز التكلم في الصلاة ممن ظن إتمامها ":
(. نقل عن جماعة من الصحابة أنهم تكلموا بعد السلام بظن الإتمام، ثم أتموا مع الذكر كالزبير وابنيه: عبد الله، وعروة، وصوبهم ابن عباس، ولم ينكر، فكان إجماعا).
ومثل الممارسة الآتية " مستدلا بها على طهارة ومطهرية الماء المطلق في حالة امتزاجه بما لا يمكن التحرز منه ":
(... ولأن الصحابة كانوا يسافرون وغالب أوعيتهم الأدم، وهي تغير الماء غالبا).
وأما " عمل الصحابي " منفردا " بخلاف العمل الجماعي السابق بصفته كاشفا عن السيرة الشرعية بالنسبة لمقاييس الجمهور " فإن تعامل المؤلف مع هذا الجانب، يظل مماثلا لتعامله مع " الرواية " من حيث تقديمه دليلا معززا لوجهة نظره الشخصية، ثم رفضه للدليل