تعامله مع الرواية الواحدة - من حيث طرفي المقارنة - يخضعها لمستويين من التعامل، حيث وجدناه يرفض الرواية التي احتج بها " الطوسي، " من خلال " السند "، ولكنه عندما يناقش أبا حنيفة - حيث احتج أيضا بالرواية المذكورة - نجده يرفض الرواية ليس من حيث " سندها " بل من حيث " دلالتها " فيما عقب عليها قائلا: (لا يصح احتجاج أبي حنيفة، لأنه إذا وجب أن يؤخرها، وجب عليها أن تتأخر، ولا فرق بينهما، بل الأولى أن يقول: إن المنهي هي المرأة عن التقدم).
لا شك، أن أمثلة هذا التعامل مع روايات الجمهور، تظل منهجا صائبا ما دام يأخذ بنظر الاعتبار أدوات الجمهور والخاصة. حيث يتعين عليه أن يرفض روايات العامة عند مناقشته " الخاصة "، مثلما يحق له أن يقدم الرواية الضعيفة حينما يحتج بها على المخالف في حالة كونها معتبرة لدى الأخير، وهذا ما نجده واضحا عندما يحتج - مثلا - على أبي حنيفة برواية مرسلة ما دام الأخير لا يمانع من العمل بها - كما صرح المؤلف بذلك في بعض احتجاجاته على الشخص المذكور.
بيد أننا لا نوافق المؤلف على احتجاجه بالرواية الضعيفة في حالة تضمنها ما هو مضاد لمبادئ الشرع من جانب، وما هو متناقض في الاستدلال بها من جانب آخر. وهذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في ممارستين للمؤلف، تحدث في أولاهما عن الكلام متعمدا في الصلاة، وتحدث في أخراهما عن الكلام ممن ظن إتمامها، حيث رفض " في المسألة الأولى " رواية للجمهور تزعم - كما أشرنا - بأن النبي " ص " سلم في ركعتي الرباعية نسيانا، فيما لفت " ذو اليدين " نظر النبي " ص " إلى ذلك، وأنه " ص " قد استفسر عن صحة ما زعمه الشخص المذكور. المؤلف رد هذه الرواية بجملة وجوه، منها: إن الراوي أبا هريرة أسلم بعد وفاة الشخص المشار إليه بسنتين، ومنها - وهذا ما نعتزم التأكيد عليه -: إن الرواية تتضمن ما يتنافى مع عصمة النبي " ص " وهو النسيان.
أما " في المسألة الثانية " فإن المؤلف يقدم الرواية ذاتها للتدليل على جواز التكلم بالنسبة لمن ظن الإتمام. فبالرغم من أنه لم يعتد بهذه الرواية، حيث علق قائلا: (ورواية ذي اليدين - وإن لم تكن لنا حجة - فهي في معرض الإلزام) إلا أن سوقها هنا للتدليل على