جميعا. ألا أننا نحتمل أن عدم وجود دليل يعتد به، أو عدم العثور عليه بسبب فقدان النصوص الاستدلالية للمخالف، يقف سببا وراء ذلك، وهذا ما يصرح به المؤلف أحيانا عندما يقرر بأنه لم يعثر على دليل لهذا الفقيه أو ذاك، بخاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن تقديمه لأدلة المخالفين لا ينحصر في عثوره على المصدر الاستدلالي للمخالف، بل يلتمس المؤلف أدلة تتناسب مع فتوى المخالف حيث إن كثيرا من الفقهاء لم يؤثر عنهم أي كتاب استدلالي، كما أن بعض أقوالهم تنقل عنهم بواسطة الآخرين، مما يجعل العثور على أدلتهم أمرا متعذرا، ومن ثم ينحصر عرض الدليل في محاولة المؤلف بأن يلتمس دليلا تخمينيا يمكن أن يشكل مستندا للأقوال المشار إليها.
وهذا كله فيما يتصل بطريقة العرض للأدلة المخالفة.
أما فيما يتصل بمستوياتها - من حيث الاختزال أو التفصيل، ومن حيث أدوات الاستدلال التي يعتمدها - فتظل مماثلة لمنهجه في عرض الأدلة الشخصية، حيث يخضع المسألة لمتطلبات السياق الذي ترد فيه ففي صعيد الإجمال أو التفصيل للأدلة نجده حينا يكتفي بتقديم الدليل عابرا، ونجده في ممارسات أخرى يفصل الحديث في ذلك، وهذا من نحو الممارسة التالية التي يعرض فيها أدلة القائلين بانفعال ماء البئر بالنجاسة:
احتج القائلون بالتنجيس بوجوه:
* الأول: النص، وهو ما رواه الشيخ في الصحيح.
* الثاني: عمل الأصحاب.
* الثالث: لو كان طاهرا لما ساغ التيمم، والتالي باطل فالمقدم مثله، والشرطية ظاهرة، فإن الشرط في جواز التيمم فقدان الطاهر، وبيان بطلان الثالي من وجهين:
* الأول: ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله " قال: " إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا يغرف به فتيمم بالصعيد الطيب، فإن رب الماء رب الصعيد، ولا تقع على البئر ولا تفسد ماء هم ".
* الثاني: لو لم يحز التيمم لزم أحد الأمرين:
إما جواز استعمال ماء البئر بغير نزح، أو: