ذلك فليس بمتمتع فهذا أولى فإن التباعد بينهما أكثر (الثالث) أن لا يسافر بين العمرة والحج سفرا بعيدا تقصر في مثله الصلاة نص عليه، وروي ذلك عن عطاء والمغيرة المديني وإسحاق، وقال الشافعي ان رجع إلى الميقات فلا دم عليه. وقال أصحاب الرأي ان رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا. وقال مالك ان رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا. وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده واختاره ابن المنذر لعموم قوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) ولنا ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع فإن خرج ورجع فليس بمتمتع. وعن ابن عمر نحو ذلك ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه لزمه الاحرام منه فإن كان بعيدا فقد أنشأ سفرا بعيدا لحجه فلم يترفه بأحد السفرين فلم يلزمه دم كموضع الوفاق والآية تناولت المتمتع وهذا ليس بمتمتع بدليل قول عمر (الرابع) أن يحل من احرام العمرة قبل احرامه بالحج فإن أدخل الحج على العمرة قبل حله منها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والذين كان معهم الهدي من أصحابه فهذا يصير قارنا ولا يلزمه دم المتعة، قالت عائشة: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعى العمرة " قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال " هذه مكان عمرتك " قال عروة فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شئ من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة متفق عليه، ولكن عليه دم للقران لأنه صار قارنا وترفه بسقوط أحد السفرين. وقول عروة لم يكن في ذلك هدي يحتمل انه أراد لم يكن فيه هدي للمتعة إذ قد ثبت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه بقرة بينهن (الخامس) أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام ولا خلاف بين أهل العلم في أن دم المتعة
(٥٠١)