لا يجب على حاضري المسجد الحرام إذ قد نص الله تعالى في كتابه بقوله سبحانه (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) ولان حاضر المسجد الحرام ميقاته مكة فلم يحصل له الترفه بأحد السفرين (1) ولأنه أحرم بالحج من ميقاته فأشبه المفرد (فصل) و (حاضري المسجد الحرام) أهل الحرم ومن بينه وبين مكة دون مسافة القصر نص عليه أحمد وروي ذلك عن عطاء وبه قال الشافعي وقال مالك أهل مكة. وقال مجاهد أهل الحرم، وروي ذلك عن طاوس وقال مكحول وأصحاب الرأي: من دون الميقات لأنه موضع شرع فيه النسك فأشبه الحرم ولنا ان حاضر الشئ من دنا منه، ومن دون مسافة القصر قريب في حكم الحضار بدليل انه إذا قصده لا يترخص رخص السفر فيكون من حاضريه، وتحديده بالميقات لا يصح لأنه قد يكون بعيدا يثبت له حكم السفر البعيدة إذا فقده ولان ذلك يفضي إلى جعل البعيد من حاضريه والقريب من غير حاضريه في المواقيت قريبا وبعيدا، واعتبارنا أولى لأن الشارع حد الحاضر بدون المسافة القصر بنفي أحكام المسافرين عنه فالاعتبار به أولى من الاعتبار بالنسك لوجود لفظ الحضور في الآية (فصل) إذا كان للمتمتع قريتان قريبة وبعيدة فهو من حاضري المسجد الحرام لأنه إذا كان بعض أهله قريبا فلم يوجد فيه الشرط وهو أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام، ولان له أن يحرم من القرية فلم يكن بالتمتع مترفها بترك أحد السفرين. وقال القاضي له حكم القرية التي يقيم بها أكثر فإن استويا فمن التي ماله بها أكثر فإن استويا فمن التي ينوي الإقامة بها أكثر فإن استويا حكم للقرية التي أحرم منها. وقد ذكرنا الدليل لما قلناه (فصل) فإن دخل الآفاقي مكة متمتعا ناويا للإقامة بها بعد تمتعه فعليه دم المتعة قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم، ولو كان الرجل منشؤه ومولده بمكة فخرج عنها منتقلا مقيما بغيرها ثم عاد إليها متمتعا ناويا للإقامة بها أو غير ناو لذلك فعليه دم المتعة لأنه خرج بالانتقال عنها عن أن يكون من أهلها. وبذلك قال منالك والشافعي وإسحاق وذلك لأن حضور المسجد الحرام إنما يحصل بنية الإقامة وفعلها وهذا إنما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحج لأنه إذا فرغ من عمرته فهو ناو للخروج إلى الحج فكأنه إنما نوى أن يقيم بعد أن يجب عليه الدم. فاما أن خرج المكي مسافرا
(٥٠٢)