وإن مضت مدة يندمل في مثلها فاختلفا، فقال الولي: مات منها وما اندملت، وقال الجاني: اندملت فالقول قول الجاني مع يمينه لأن الأصل براءة ذمته، وإن صدقه الجاني وقال: ما اندملت ولكن كان الموت من غيرها، فالقول قول الولي مع يمينه لأنه يحتمل ما قال الجاني.
وإن مضت مدة طويلة فالقول قول الجاني كما قلنا، فإن أقام الولي البينة أنه لم يزل ضمنا وجعا متألما منها حتى مات قبلنا هذه الشهادة، وجاز الحكم بها وإن كانت المدة طويلة لموضع الشهادة، كالمدة القصيرة، وهو أنك تنظر في الجاني، فإن قال: ما كان وجعا ولا ضمنا منها سقط قوله، والقول قول الولي بغير يمين، لأن الجاني قد كذب الشهود، وإن قال الجاني: صدق الشاهدان إنه كذلك لكن الموت كان من غيرها بسبب حدث، فالقول قول الولي مع يمينه، لأن ما قاله الجاني محتمل، وما كذب البينة.
إذا شهد شاهدان على رجلين أنهما قتلا زيدا، فشهد اللذان شهدا عليهما على الأولين أنهما هما اللذان قتلاه، سئل الولي فإن صدق الأولين قبلناها، وإن صدق الآخرين أو الكل بطلت الشهادة.
قالوا: هذه المسألة محالة لا يتصور على قول من لا يسمع الدعوى إلا محررة، ولا تسمع الشهادة ممن شهد بها قبل أن يستشهد، والآخران قد شهدا قبل أن يستشهدا، فكيف يسمعها الحاكم؟ ويرجع إلى المدعي فيسأله عن حال الكل.
قال قوم: إنا لا نسمع الشهادة من الشاهد قبل أن يستشهد، إذا كان المشهود له بالغا عاقلا رشيدا، فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه لصغر أو جنون أو لميت، فإنها تقبل لأنه لو حضر الشاهدان ابتداء فشهدا عند الحاكم بحق لصبي سمعها وعمل بها، وحكم للصبي بالحق، فإذا كان كذلك فالشهادة هاهنا لمن لا يعبر عن نفسه وهو الميت، والدليل على أن الحق له أنه إذا ثبت قضي منه ديونه وتنفذ وصاياه فلهذا قبلت، وعلى هذا كل من شهد لميت بحق سمعت شهادته قبل