إقرار كسائر الإقرارات، وقال آخرون: لا يثبت إلا بأربعة شهود لأنه إقرار بفعل، فوجب أن لا يثبت إلا بما يثبت به ذلك الفعل، كالإقرار بالقتل، والأول أقوى.
وإنما تتصور هذه المسألة فيه إذا قذف رجل رجلا فوجب عليه حد القذف، فقال: قد أقر بالزنى هذا الذي قذفته فأنكر، فأقام المدعي البينة على إقراره فهل يثبت ذلك بشاهدين أم لا؟ على ما مضى من القولين، والقصد من هذا أنه إذا ثبت إقراره بالزنى لم يحد قاذفه، فأما إن ادعى رجل على رجل أنه أقر بالزنى فلا يلتفت إلى دعواه لأنه متى ثبت بإقراره سقط برجوعه، فلا يمكن إقامة البينة عليه.
وأما حقوق الآدميين فإنها تنقسم أيضا ثلاثة أقسام:
أحدها: ما لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين، ولا يثبت بشاهد وامرأتين ولا بشاهد ويمين، وهو كل ما لم يكن مالا ولا المقصود منه المال وتطلع عليه الرجال كالوكالة والوصية لأنه إثبات نظر وتصرف، وكذلك الوديعة والنكاح والخلع والطلاق والجراح الذي يوجب القصاص والعتق والنسب ونحو هذا.
الثاني: ما يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين، وهو كل ما كان مالا أو المقصود منه المال، فالمال الدين والقرض والغصب، والمقصود منه المال كل عقد معاوضة كالبيع والصرف والسلم والرهن والصلح والحوالة والضمان والعارية والقراض والمساقاة والإجارات والمزارعة والوصية له والجراح الذي لا يوجب القود كالخطأ وشبه العمد والعمد المحض الذي لا يوجب القصاص كالجائفة والمأمومة، ومثل أن كان القاتل صبيا أو مجنونا، ومثل قتل الوالد ولده، والحر العبد والمسلم الكافر ونحو هذا.
الثالث: ما يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وأربع نسوة، وهو الولادة والاستهلال والرضاع عندهم، والعيوب تحت الثياب، وزيد في أقسامه مسألة أخرى، وهو إذا ضرب بطنها فألقت جنينا حيا ثم مات، وادعى الوالد أنه لم يزل ضمنا وجعا حتى مات وأقام أربع نسوة بذلك قبل شهادتهن، وهذا كالذي قبله، وإنما يختلفان في فصل واحد هذا تقبل فيه النساء على الانفراد ولا يقبل فيه شاهد