بعض الورثة حقه من القود سقط كله، وعلى مذهبنا لا يسقط القود لكنه إن أراد القود لزمه أن يرد بمقدار ما أقر أن أخاه عفا عنه على ما بيناه.
قالوا: وهذا مثل ما نقوله: أن العبد إذا كان بين شريكين موسرين فأقر أحدهما أن شريكه أعتق نصيبه منه عتق العبد كله، لأن قوله: قد أعتق شريكي نصيبه، اعتراف منه بأن نصيبه قد انعتق، فإن الموسر متى أعتق شركا له من عبد عتق نصيبه ونصيب شريكه، فإذا قال: أعتق شريكي نصيبه، فقد أقر أنه قد عتق نصيب نفسه منه أيضا، واعترافه بأن نصيب نفسه قد عتق منه يفيد أن نصيب شريكه قد عتق أيضا لأنه لا يجوز أن يعتق نصفه ويبقى نصفه الآخر على الرق، فلهذا عتق كله.
فإذا ثبت أن القود قد سقط بقي الكلام في الدية.
فأما نصيب الشاهد منها فثابت لأنه ما عفا عنها وإنما اعترف بأن حقه سقط من القود بغير رضاه، فثبت له نصيبه من المال، وقد قلنا: إن عندنا لم يسقط نصيبه من القود بشرط رد دية ما أقر بالعفو.
وأما نصيب المشهود عليه منها، فينظر إلى الشاهد: فإن لم يقبل شهادته حلف المشهود عليه ما عفا عن القصاص والدية، واستحق نصيبه منها، وإن كان الشاهد عدلا مقبول الشهادة حلف القاتل مع شاهده وسقط عنه المال، لأن إسقاط المال يثبت بالشاهد واليمين.
فإذا ثبت أن القاتل يحلف مع شاهده فكيف يحلف؟ قيل: إنه يحلف لقد عفا عن القود والدية، قالوا: فالقود قد سقط باعتراف الأخ وإنما الكلام في الدية فكيف يحلف القاتل أنه ما عفا عن القود والمال، وأي فائدة فيه؟ قلنا: أما عندنا فلم يسقط حقه من القود أصلا باعتراف أخيه، وإنما هو شاهد واحد.
ومن قال: سقط، له جوابان:
أحدهما: يحلف القاتل لقد عفا عن المال، ويجزئه ومنهم من قال: يحلف مطلقا أنه قد عفا عن المال، والشاهد شهد للقاتل أن أخاه عفا عن القود والمال.