أن يستشهد.
ومنهم من قال: الشهادة بالحق على ضربين:
أحدهما: رجل له حق به شاهدان يعرفهما فشهدا له به قبل أن يستشهدهما، فهذه مردودة.
الثاني: رجل له شاهدان بحق ولا يعرف الحق فشهدا له به أو عرف الحق ولم يعرف أن له به شهودا فشهدا له به قبل أن يستشهدهما، فقد فعلا خيرا واكتسبا ثوابا وفضلا، لأنهما عرفاه ما لم يعرفه من حقه، وعلى هذا قوله عليه وآله السلام: خير الشهود من شهد قبل أن يستشهد، فكذلك هاهنا ما كان الولي يعلم أن له بحقه هؤلاء الشهود، فشهدوا له به فلهذا سمعها الحاكم وسأل الولي.
ومنهم من قال: شهد الآخران قبل أن يستشهدا، وقد عرف الحق بذلك وعلمه وكان بالغا عاقلا والحاكم قد سمع ذلك وسأل الولي عنهما، لأن القتل يحتاط له بحفظ الدماء، فإذا قال الآخران: القاتلان هما الأولان وأوردا شبهة فلهذا سمع.
فإذا ثبت هذا فالمسألة صحيحة من هذه الوجوه، فإذا سأل الحاكم الولي عن ذلك ففيها ثلاث مسائل:
أحدها: تصدق الولي الأولين، فالحاكم يحكم بشهادتهما ويقتل الآخرين، لأنهما شهدا وهما عدلان على حق لا يجران بشهادتهما خيرا ولا يدفعان ضررا ولا يتهمان على الآخرين.
الثانية: صدق الولي الأولين والآخرين بطلت الشهادة كلها، بطلت شهادة الأولين لأنه صدق الآخرين، وإذا صدق الآخرين فقد كذب الأولين، وبطلت شهادة الآخرين، لأمرين: أحدهما لما صدق الأولين فقد كذب الآخرين، والثاني أن الآخرين متهمان بأنهما يدفعان ضررا.
الثالثة: صدق الآخرين بطلت شهادة الكل، بطلت شهادة الأولين لأنه قد كذبهما وبطلت شهادة الآخرين لأنهما يدفعان عن أنفسهما ضررا.