فأما فيما دون النفس إن قالا: ضربه بالسيف فأوضح أو ضربه بالسيف فوجدناه موضحا لم يقبل ذلك، لأنه قد يضربه بالسيف والإيضاح من غيره ويجداه موضحا من غير الضربة، بلى إن قال: ضربه بالسيف فأوضحه أو ضربه بالسيف فوجدناه موضحا بالضربة قبلناها، لأنهما قد أضافا القتل إليه، فإن قالا:
ضربه بالسيف فسال دمه لم يقبل لجواز أن يكون سيلان دمه من غير الضربة، وإن قالا: فأسال دمه قبلناها في الدامية، وهكذا إن قال: أسال دمه فمات قبلناها في الدامية فقط، لأنه أقل ما يسيل به الدم وما زاد على هذا محتمل.
فإن قالا: ضربه بالسيف فأوضحه فوجدنا في رأسه موضحتين فلا قصاص، لأنا لا نعلم أي الموضحتين شهدا بها، كما لو شهدا أنه قطع يده فوجدناه مقطوع اليدين فلا قصاص، لأنا لا ندري أي اليدين قطع لكنا نوجب أرش موضحة وأرش اليد، لأن جهلنا بعين الموضحة ليس جهلا بأنه قد أوضحه، فأوجبنا أرش موضحة.
فإن قالا: ضربه بالسيف فأوضحه، فلا قصاص في هذه الموضحة لأنا لا نعلم أنها بحالها من جنايته، وقد يكون صغيرا فزاد غيره فيها، وقد يكون هناك موضحة صغيرة فوقعت هذه مكانها فلا قصاص حتى يقولا: فأوضحه هذه الموضحة.
فإن جرحه ثم مات بعد ذلك واختلفا، فقال الولي: مات من الجرح، وقال الجاني: من غيره، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون الموت بعد مدة لا يندمل في مثلها، أو يندمل في مثلها.
فإن كان في مدة لا يندمل في مثلها مثل أن جرحه غدوة فمات عشيا نظرت: فإن قال الجاني: اندمل الجرح وبرئ منه ومات، فالقول قول الولي بغير يمين، لأن الجاني يقول محالا، وإن قال الجاني: ما اندمل ولكن الموت بغير ذلك، فالقول قول الولي لأن الظاهر غير ما قال الجاني، ومع يمينه لأن ما يقول الجاني محتمل.