مائة سنة ثم باعه من ساعته فادعى المشتري أن به عيبا وأنه آبق وقد أبق فيما سلف، حلف البائع أنه ما أبق وإن جاز أن يكون أبق خمسين سنة قبل أن يولد البائع، فإذا جاز ذلك جاز هاهنا؟ قيل: عندنا أنه لا يجوز له أن يحلف أنه ما أبق، وإنما يحلف أنه لا يعلم أنه أبق لأنها يمين على نفي فعل الغير وعلى من ادعى الإباق البينة.
إذا أراد ولي الدم أن يحلف فالمستحب للحاكم أن يستثبته ويعظه ويحذره ويعرفه ما في اليمين الكاذبة، ويبين له أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة مثل اللعان، وإن كانت اليمين في الأموال، قال قوم: مثل ذلك يعظه ويخوفه، وقال آخرون: لا يفعل لأن المال أخفض رتبة من الدم، ويفارق اللعان لأنه إذا ثبت أوجب قتلا أو حدا والأول أحوط لأن فيه تحذيرا من اليمين الكاذبة.
إذا كان المقتول مسلما والمدعى عليه مشركا أقسم ولي الدم على ذلك واستحق بلا خلاف فيه، لأن قصة الأنصار كانت مع اليهود، فإن كانت بالضد وكان المقتول مشركا والمدعى عليه القتل مسلما قال قوم: مثل ذلك يقسم وليه ويثبت القتل على المسلم، وقال قوم: لا قسامة لمشرك على مسلم، والأول أقوى عندنا لعموم الأخبار، غير أنه لا يثبت به القود وإنما يثبت به المال.
إذا قتل عبد لمسلم وهناك لوث على ما فصلناه فهل لسيده القسامة أم لا؟
قال قوم: له ذلك، وقال آخرون: ليس له ذلك، والأول أقوى عندي لعموم الأخبار ولأن القسامة لحرمة النفس وهذا موجود هاهنا.
فمن قال: لا قسامة، قال: هو كالبهيمة توجد مقتولة في محلة فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، ويحلف ويبرئه.
ومن قال: فيه القسامة على ما قلناه قال: إذا حلف المولى نظرت: فإن كان القاتل حرا والقتل عمدا، فلا قود، وتكون قيمته حالة في مال القاتل، وإن كان خطأ قال قوم: تحمله العاقلة، وقال آخرون: لا تحمله وهو الأقوى، لأن عندنا لا تحمل على العاقلة إلا ما تقوم به البينة، وتكون في مال القاتل خاصة.