يهود محضة لا يخلطهم غيرهم، وكانت العداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة، لأن الأنصار كانوا مع النبي عليه السلام لما فتحها فقتلوهم وسبوهم فاجتمع أمران:
عداوة معروفة وانفراد اليهود بالقرية، وقد خرج عبد الله بن سهل بعد العصر فوجد قتيلا قبل الليل وقيل بعد المغرب، فغلب في ظن كل من عرف الصورة أن بعض اليهود قتله.
فإذا ثبت هذا فحكم غيرهم حكمهم، فمتى كان مع المدعي ما يغلب على الظن صدق ما يدعيه من تهمة ظاهرة أو غيرها فهو لوث، فمن ذلك إذا كان البلد صغيرا ينفرد به أهله، أو كانت القرية منفردة، وكذلك إن كانت محلة من محال البلد في بعض أطرافه بهذه الصورة أو حلة من حلال العرب - فهذه الصورة -، فمتى دخل إليهم من بينهم وبينه عداوة فوجد قتيلا بينهم فهذه وخيبر سواء لا يختلفان فيه.
ومتى عدم الشرطان أو أحدهما فلا لوث، مثل أن وجد قتيلا في قرية لا ينفرد بها أهلها، وكانت مستطرقة، ولا عداوة بينهم وبين القتيل فلا لوث لأن جواز أن يقتله أهل القرية لجواز أن يقتله غيرهم بينهم، لكنه لا عداوة بينهم، أو كانت هناك عداوة والقرية مستطرقة فلا لوث، لأن جواز أن يقتله لجواز أن يقتله غيرهم فبطل اللوث.
فأما إذا اجتمع قوم في بيت أو حجرة أو دار كبيرة أو بستان في دعوة أو مشاورة أو سبب فتفرقوا عن قتيل بينهم، كان هذا لوثا سواء كان بينه وبين القوم عداوة أو لا عداوة بينهم، والفرق بين الدار والقرية أن الدار لا يدخلها أحد إلا بإذن صاحبها، وليس كذلك القرية المستطرقة لأنه يدخلها كل أحد، فلأجل ذلك لم يكن لوثا في القرية، وكان لوثا في الدار.
وأما إن وجد قتيل في الصحراء والقتيل طري والدم جار وهناك رجل بالقرب منه ملوث بالدم، ومعه سكين ملوثة بالدم وليس في المكان سواهما ولا أثر، فهو لوث عليه، وإن كان في المكان غيرهما كالسبع والذئب والوحش الذي