يقتل الإنسان أو يرى رجل آخر يعدو موليا، والأثر أن يشاهد الدم مترششا في غير طريق هذا الموجود معه ونحو هذا، فكل ذلك يبطل اللوث في حق هذا لأن هذه الأشياء أحدثت شكا واشتراكا في قتله فلم يغلب في الظن أن هذا قتله.
وإذا وقع قتال بين طائفتين كأهل العدل والبغي أو قتال فتنة بين طائفتين فوجد هناك قتيل بين إحدى الطائفتين لا يدرى من قتله نظرت: فإن اختلط القتال بينهم والتحمت الحرب ثم تفرقوا عن قتيل كان اللوث على غير طائفته، فإن كان الصفان متفرقين وكان ما بينهما قريب تصل السهام والنشاب من كل واحد منهما إلى الآخر، فوجد قتيل في أحد الصفين فاللوث على غير طائفته.
وإن لم يكن بينهم رمى بالنشاب ولا اختلاط بالقتال، فلا فصل بين أن يتقارب الصفان أو يتباعدا، فإذا وجد قتيل في أحد الصفين فاللوث على أهل صفه، وهذه صورة طلحة وجد قتيلا في صفه، فقيل: إن مروان رماه فقتله.
فأما إن ازدحم الناس في موضع وتضايقوا لمعنى كالطواف والصلاة وعند دخول المسجد والكعبة أو عند بئر أو مصنع لأخذ الماء أو قنطرة أو جسر كان لوثا عليهم لأنه يغلب على الظن أنهم قتلوه، وروى أصحابنا في مثل هذا أن ديته على بيت المال.
فأما ثبوت اللوث بالقول ينظر فيه:
فإن كان مع المدعي شاهد عدل كان هذا لوثا فإن ادعى قتله خطأ أو عمد الخطأ حلف معه يمينا واحدة واستحق الدية لأن هذه دعوى مال، والمال يثبت بالشاهد واليمين، وإن كان القتل عمدا محضا يثبت هذا القتل بالقسامة، وهل يثبت القود على ما مضى من الخلاف؟ عندنا يثبت وعندهم لا يثبت.
وأما إن لم يكن المخبر عدلا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون ممن لقوله حكم في الشرع، أو لا حكم لقوله.
فإن كان لقوله حكم في الشرع كالعبيد والنساء، فإن أخبارهم في الدين مقبولة، والنساء في القتل لا يقبلن، نظرت: فإن أتت طائفة من نواحي متفرقة ولم