فيقول: صدقت، أو يبتدئ بالدعوة فيقول: أنت ابني، فيقول: صدقت أنا ابنك، فإذا تقارا على هذا ثبت النسب.
وإن انتسب إلى ميت فقال: أنا ابن فلان الميت، فإن صدقه كل الورثة ثبت نسبه بلا خلاف، وإن أقر اثنان وكانا عدلين مرضيين ثبت بشهادتهما أيضا النسب عندنا، ولا يثبت عند بعضهم إلا باعتراف الكل.
فأما إن كان صغيرا فإنه يثبت نسبه بالاعتراف به، ولا يعتبر من جهة الطفل قوله لأنه لا حكم لقوله، وإذا ثبت نسبه بذلك لم يزل ولم يسقط بقول الباقين، ليس هذا مناسبا له بالشائع الذائع، خلافا لمالك فإنه يقول: متى ادعى نسبا وقد شاع وذاع في الناس أنه غير مناسب له لم يثبت نسبه.
فإذا ثبت أنه لا يدفع نسبه بالشياع، فمتى ثبت نسبه، فإن لم ينازع فيه أصلا فلا كلام، وإن جاء رجل فادعى أن هذا ولدي وأقام بينة بذلك حكم له بالبينة وأسقط ما كان ثبت بالاعتراف، لأن البينة مقدمة على الاعتراف، فإذا حكمنا له بالبينة فجاء آخر فادعاه وأقام البينة أنه ولده ولد على فراشه، حكمنا له به وأسقطنا غيره، لأن بينته شهدت له بالنسب مضافا إلى سببه، فهو كما لو تنازعا فرسا فأقام أحدهما البينة أنه له وأقام الآخر البينة أنه نتج في ملكه كان من شهد بالنتاج أولى لأنه أضاف الملك إلى سببه فمتى استقر سببه منه ثبت النسب، فمتى قتل حكمنا له بأن له عاقلة.
إذا قتل الذمي خطأ فالذي رواه أصحابنا أن ديته على الإمام لأنه عاقلتهم من حيث يؤدون إليه الجزية ولا شئ على عاقلته، وقال المخالفون: الدية على عاقلته من أهل الذمة، وإنما يعقل عنه منها من كان بينه وبينها النصرة والموالاة في الدين، فأما أهل الحرب فلا يعقلون عن أهل الذمة وإن كانوا عصباتهم لأن النصرة بينهم ساقطة والموالاة منقطعة، بدلالة أنه لا يرث الحربي ولا يرثه، وهكذا إذا كان عصبته مسلمين لم يعقلوا عنه لأن موالاة الدين بينهم منقطعة، وإن لم يكن له عاقلة من أهل الذمة فالدية في ماله ولا يعقل عنه من بيت مال المسلمين.