زال الضمان عنه، كما لو أمره بالحفر ابتداء، وقال بعضهم: لا يزول الضمان لأنه أبرأه عن ضمان ما لم يجب، والأول أقوى.
فأما إن حفرها في طريق المسلمين نظرت:
فإن كان الطريق ضيقا فعليه الضمان، سواء حفرها بإذن الإمام أو بغير إذنه، لأنه لا يملك الإذن فيما فيه تضييق على المسلمين وإلحاق الضرر بهم.
وإن كان الطريق واسعا لا يضيق على المسلمين حفرها، ويقصد نفع المسلمين بها، فإن كان بإذن الإمام فلا ضمان عليه، لأن للإمام أن يأذن بما فيه منفعة للمسلمين، من غير إضرار بهم ولا تضييق عليهم، وأما إن حفرها بغير إذن الإمام فإن قصد تملكها بالحفر وتكون له ملكا، فعليه الضمان لأنه تعدى بالحفر ولم يملك به لأن أحدا لا يملك أن يتملك طريق المسلمين، فكان عليه الضمان، وإن حفرها طلبا للثواب لمنفعة المسلمين، قال قوم: لا ضمان عليه لقوله عليه السلام: البئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس، وقال آخرون: عليه الضمان لقوله عليه السلام: وفي النفس مائة من الإبل، والأول أقوى.
وهكذا الحكم في بناء مسجد في طريق المسلمين، إن كان الطريق ضيقا فعليه الضمان، وإن كان واسعا فإن بناه بإذن الإمام فلا ضمان، وإن بناه بغير إذنه فإن كان لنفسه ينتفع هو به فعليه الضمان، وإن كان لمنفعة الناس فعلى ما مضى عند قوم يضمن وعند آخرين لا يضمن.
وهكذا في من فرش البواري في المسجد أو بنى فيه حائطا أو سقف فيه سقفا أو علق عليه قنديلا فوقع على إنسان فمات أو تعقل بالبادية فوقع فمات، فإن كان بإذن الإمام فلا ضمان، وإن كان بغير إذنه فعلى ما مضى من الخلاف، وأصل هذا كله البئر، وكل موضع قلنا عليه الضمان معناه الدية عندنا في ماله، وعندهم على عاقلته، والكفارة في ماله بلا خلاف.
إذا بنى حائطا في ملكه فوقع فأتلف أنفسا وأموالا ففيه خمس مسائل:
أحدها: بناه مستويا في ملكه فسقط دفعة واحدة فلا ضمان، لأن له أن يفعل