الحليف لا يعقل ولا يعقل عنه، والحليف أن يتحالف قوم على التناصر والتعاضد ودفع الظلم عنهم، وتكون اليد واحدة وكذلك العريد لا يعقل ولا يعقل عنه، والعريد هو الرجل ينضوي إلى قوم ويختلط بهم فيصير معدودا من جملة القبيلة، وقال بعضهم: الحليف يعقل.
فأما عقد الموالاة فهو أن يتعاقد الرجلان لا يعرف نسبهما على أن يرث كل واحد منهما صاحبه، ويعقل عنه. عندنا أن ذلك صحيح، وبه قال قوم، غير أنهم قالوا: لا يرث أحدهما صاحبه، ما لم يعقل عنه، فإذا عقل أحدهما عن صاحبه لزم وأيهما مات ورثه الآخر، وقال قوم: هذا عقد فاسد لا يتعلق به حكم.
والعاقلة قد بينا أنها عصبة الرجل، وإنما يعقل عنه من كان مناسبا معروف النسب منه، فأما إذا علم أنه من القوم ولم يعرف وجه النسب، ولا كيفيته فيهم لم يعقلوا عنه، مثل أن يكون الرجل من النوبة لا يعقل عنه النوبة حتى تعرف كيفية النسب بينهم، لأنا وإن علمنا أن المرجع إلى أب واحد فلا نعلم قبيلته ولا عصبته من ذلك، وكذلك لو كان من قريش أو عقيل لم تعقل عنه قريش ولا عقيل حتى يعلم من أي بطن هو، ومن عاقلته وكذلك كل قبيلة تجري هذا المجرى كالترك والزنج ونحو ذلك، لأنا نعلم أن الناس كلهم يرجعون إلى أب واحد آدم ونوح عليهما السلام.
ومتى قتل رجل خطأ ولم يعرف كيفية نسبه لم يعقل عنه الناس من حيث النسب، وإن علمنا أن الأب واحد حتى نعلم كيفية النسب، وهكذا اللقيط ومن كان مجهول النسب الباب واحد، لا يعقل منه المسلمون من حيث القرابة والنسب، ولكن يعقل عنه الإمام من بيت المال لأن ميراثه ينقل إلى بيت المال.
فإذا ثبت أنه لا عقل له حتى يعرف وجه النسب وكيفيته، فالكلام في ما يثبت به النسب.
فمتى كان مجهول النسب فإن كان بالغا عاقلا فانتسب إلى رجل فذكر أنه ولده لم يثبت نسبه حتى يقع الاعتراف به من الطرفين، فيقول: أنا ابنك، فيدعيه