روى أصحابنا أنه لا يحمل على العاقلة إلا أرش الموضحة فصاعدا، فأما ما دونه ففي مال الجاني، وفي الناس من قال: يحمل عليهم قليله وكثيره، وفيه خمس مذاهب ذكرناه في الخلاف.
إذا جنى الرجل على نفسه مثل أن قطع يد نفسه أو قتل نفسه، فإن كانت الجناية عمدا محضا كانت هدرا، وإن كان قتل نفسه خطأ مثل أن ضرب رجلا بسيف فرجع السيف إليه أو رمى طائرا فعاد السهم إليه كانت أيضا هدرا عندنا، وعند أكثر الفقهاء وفيها خلاف.
المولى على ضربين: مولى من فوق وهو المعتق المنعم، ومولى من أسفل وهو المعتق المنعم عليه.
فأما المولى من فوق فإنه يعقل عن المولى من أسفل بلا خلاف لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث، فشبهه بالنسب، وبالنسب يتحمل العقل فكذلك بالولاء فإذا ثبت أنه يعقل فإنما يعقل إذا لم تكن للعاقل عصبة أو كان له عصبة لا يتسع لحمل الدية وفضل فضل فالمولى يتحمل عنه بلا خلاف فيه أيضا.
فإذا ثبت أنه يعقل بعد العصبات، فالترتيب فيه إذا وجبت الدية وحال الحول فرقنا الثلث على العصبات على الإخوة وأبنائهم ثم على الأعمام وأبنائهم ثم على الأعمام وأبنائهم ثم على أعمام الأب وأبنائهم، وعلى هذا الترتيب أبدا، فإذا لم يبق له عصبة مناسب يحمل الموالي ما بقي، فإن اتسعوا لما بقي وإلا فعلى عصبة المولى، ثم على مولى المولى، وإن لم يتسعوا فعلى عصبة مولى المولى، فإن لم يتسعوا فعلى مولى مولى المولى، فإن لم يتسعوا فعلى عصبتهم على ترتيب الميراث سواء، فإن لم يتسعوا وفضل ففي بيت المال يؤخر بيت المال عن الموالي كما يؤخر في الميراث عنهم.
فإن لم يكن في بيت المال مال فما الذي يصنع بالفضل؟ فالحكم في هذه الفضلة وفي كل الدية إذا لم يكن للقاتل عصبة ولا مولى، ولا في بيت المال مال،