ربع دينار ولا شئ على الباقين، لأن في توزيعها على الكل بالحصص مشقة، وربما لزم على جنايتها أكثر منها، وهذا أقوى، فمن قال: يوزع على الكل فلا كلام، ومن قال: يخص الإمام بالعقل من يرى منهم، فعل ما يراه.
فأما إن كانت العاقلة غائبة مثل أن كان القاتل ببغداد والعاقلة بالشام، فعلى حاكم بغداد أن يكتب إلى حاكم الشام بالحادثة، ويعرفه صورة الحال، فإذا ثبت ذلك عند حاكم الشام وزعها على عاقلة القاتل، كما لو كان القاتل عندهم بالشام وقد فصلناه.
وإن كان بعض العاقلة حاضرا وبعضها غائبا لم يخل من أحد أمرين: إما أن تكون درجة العاقلة مختلفة أو متفقة.
فإن كانت مختلفة إخوة وأعمام نظرت: فإن كان الأقرب هو الحاضر فالحاضر أولى، لأنهم انفردوا بقرب الدرجة والدار معا، وفيهم المسائل الثلاثة، وإن كان الأبعد هو الحاضر، فالغائب أولى، لأن قرب الدرجة مقدم على قرب الدار، وفيهم المسائل الثلاثة.
وإن كانت الدرجة سواء كانوا إخوة كلهم وبعضهم حاضر وبعضهم غائب، قال قوم: الحاضر أولى لأنهم تساووا في الدرجة وانفرد هؤلاء بقرب الدار، وقال آخرون: يقسط على من غاب وحضر، وهو الأقوى عندي، لأنه حق يتعلق بالتعصيب فاستوى فيه الغائب والحاضر كالميراث فمن قال: يقسط على الكل ففيها المسائل الثلاثة: إما أن تكون الدية وفق العدد أو تكون الدية أكثر أو أقل من عددهم وقد مضى.
ومن قال: يوزع على كل من كان حاضرا ففيها المسائل الثلاث إن كانت وفق العدد فلا كلام، وإن كانت الدية أكثر نقل الفضل إلى أقربهم إليه بلدا، فإن فضل منها نقلنا إلى من هو أبعد منهم، فأما إن كانت الدية أقل من عدد الحاضرين فالحكم على ما مضى إذا كانوا كلهم حاضرين، وكل موضع نقلنا الفضل ففي المنقول المسائل الثلاث.