أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل - وفي بعضها مطل -؟ فقال النبي عليه السلام: إن هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع، - وفي بعضها: أسجع كسجع الجاهلية، هذا كلام شاعر -.
ومثل هذا الخبر رواه أصحابنا - وبينا الوجه فيه في كتاب الاستبصار وتهذيب الأحكام - وهو أنه لا يمتنع أن تكون الغرة قيمتها دية الجنين الذي قدمنا ذكره.
فإن ألقت جنينا ميتا بضربة ففيه الدية مائة دينار، وعندهم غرة لما مضى وفيه الكفارة، وإن ألقت جنينين ففيهما ديتان مائتا دينار، وعندهم غرتان، وإن ألقت ثلاثة أجنة فثلاثمائة دينار وعندهم ثلاث غرر وثلاث كفارات، وإن كان الجاني اثنين فعليهما الدية وكفارتان كما لو قتلا رجلا فالدية واحدة، وعلى كل واحد كفارة، وعلى هذا أبدا.
فإذا ثبت هذا فإنما يجب ذلك بالجنين الكامل، وكماله بالإسلام والحرية، أما إسلامه فبأبويه أو بأحدهما، وأما الحرية فمن وجوه: أن تكون أمه حرة أو تحبل الأمة في ملكه أو يتزوج امرأة على أنها حرة فإذا هي أمة أو يطأ على فراشه امرأة يعتقدها زوجته الحرة فإذا هي أمة، ففي كل هذا يكون حرا بلا خلاف، وعندنا إذا كان أبوه أيضا حرا، وإن كانت الأم مملوكة، فإن الولد يلحق بالحرية عندنا، وفي كل هذه المواضع ما تقدم ذكره من مائة دينار أو غرة.
فإذا ثبت أنها تجب في الجنين الكامل، فإنما تجب بأن يضرب بطنها فيقتله وينفصل عنها، فأما إن كانت هناك حركة فسكتت بضربه فلا ضمان، وقال الزهري: إذا سكنت الحركة ففيه الغرة لأنها إذا سكنت فالظاهر أنه قتله في بطن أمه، والأول أصح لأنه يحتمل أن تكون حركة الجنين ويحتمل أن يكون ريحا فيفشي فلا يجب شئ، وإذا احتمل فلا يجب شئ بشك لأن الأصل براءة الذمة.
وأما الكلام في بيان ما هو جنين وما ليس بجنين فجملته أربع مسائل:
إحداها: إذا ألقت ما فيه تصوير كالإصبع والعين والظفر فهو كالخلقة التامة